نوروز: مهرجان الربيع والتجدد منذ 3,000 عام
- تاريخ النشر: منذ 3 أيام

يُعتبر عيد النوروز واحدًا من أقدم الاحتفالات في العالم، حيث يعود تاريخه إلى أكثر من 3,000 عام، ويُحتفل به باعتباره بداية السنة الجديدة وفقًا للتقويم الفارسي. يُصادف النوروز يوم الاعتدال الربيعي في 20 أو 21 مارس، عندما يتساوى طول الليل والنهار، مما يرمز إلى بداية فصل جديد مليء بالحياة والطاقة. يحتفل به ملايين الأشخاص في بلدان مختلفة مثل إيران، أفغانستان، أذربيجان، كردستان، وبعض أجزاء آسيا الوسطى، حيث يُمثل تقليدًا ثقافيًا يتجاوز الأديان والحدود السياسية. يتجذر العيد في التقاليد الزرادشتية القديمة، ويعكس فلسفة التجديد والتفاؤل بالمستقبل.
يمثل النوروز فرصة لإعادة التواصل مع العائلة والأصدقاء، حيث تجتمع العائلات للاحتفال وإعداد موائد غنية بالمأكولات التقليدية. يُعتبر تنظيف المنازل، المعروف بـ"خانَه تَكَني"، طقسًا أساسيًا لاستقبال العام الجديد بروح نقية، فيما يزين الناس موائدهم بعناصر رمزية تُعرف باسم "سفره هفت سين"، والتي تتضمن سبعة أشياء تبدأ بحرف السين في اللغة الفارسية، مثل التفاح (سيب)، والسمك الصغير (سُمَك)، والثوم (سير)، وكل منها يحمل معنى رمزيًا مثل الصحة والحياة والازدهار. بالإضافة إلى ذلك، يشعل الناس الشموع، ويستخدمون المرايا في تزيين موائدهم لتعكس الضوء والنقاء.
مظاهر الاحتفال بعيد النوروز
تتنوع احتفالات النوروز بين الثقافات المختلفة، لكنها تشترك في رموزها الرئيسية التي تعبّر عن الأمل والتجدد. يُعد القفز فوق النار أحد أبرز الطقوس الاحتفالية، حيث يُعرف باسم "جهارشَنبِه سورى"، ويُقام في الليلة الأخيرة من الأربعاء قبل النوروز، إذ يقفز الناس فوق النيران تعبيرًا عن التخلص من الطاقات السلبية والتطهر للعام الجديد. في بعض البلدان، يقيم الناس مهرجانات الشوارع، ويرتدون الملابس التقليدية، فيما يتبادل الأهل والأصدقاء الهدايا.
كما يتميز النوروز بالموسيقى الشعبية والرقصات التقليدية، إلى جانب عروض السيرك والألعاب النارية في الساحات العامة. وفي اليوم الثالث عشر بعد العيد، يحتفل الناس بـ"سيزده بدر"، حيث يخرجون إلى الطبيعة لقضاء الوقت في الهواء الطلق، ما يعكس ارتباط النوروز بعناصر الطبيعة والبيئة.
نوروز في العصر الحديث: استمرار التراث عبر الأجيال
على الرغم من مرور آلاف السنين على الاحتفال بعيد النوروز، لا يزال هذا العيد يحافظ على مكانته كجزء من الهوية الثقافية للشعوب التي تحتفل به. في عام 2010، اعترفت الأمم المتحدة بالنوروز كعيد عالمي للتراث الثقافي، مما زاد من أهميته على المستوى الدولي. لا يقتصر الاحتفال على الدول الناطقة بالفارسية، بل ينتشر بين مجتمعات المهاجرين في جميع أنحاء العالم، حيث تسهم الجاليات في الحفاظ على هذه التقاليد من خلال الفعاليات الثقافية والعروض الفلكلورية.
يمثل النوروز أكثر من مجرد بداية عام جديد، فهو يجسد قيماً إنسانية مثل الأمل، التضامن، والسلام بين الشعوب. إن إحياء الطقوس التقليدية ونقلها إلى الأجيال القادمة يعكس استمرار هذا التراث العريق، ويضمن أن يظل عيد النوروز مصدر فرح وتجدد للملايين حول العالم.