مدينة مكناس المغربية: أسوار اليونسكو التي تخفي قصورًا ملكية
- تاريخ النشر: منذ 5 أيام

وسط سهول المغرب الخضراء، وعلى بُعد حوالي 130 كيلومترًا شرق العاصمة الرباط، تقف مدينة مكناس كجوهرة تاريخية محاطة بالأسوار العالية، تخبئ بين أزقتها وساحاتها قصورًا ملكية ومساجد عظيمة لا تزال شاهدة على مجد إمبراطورية مضت، وشبه منسية في زحمة المدن الكبرى كفاس ومراكش.
مكناس: العاصمة الإسماعيلية التي نُقشت في الذاكرة التاريخية
أسّسها السلطان مولاي إسماعيل في القرن السابع عشر، وجعلها عاصمة للمملكة العلوية، وحرص على تحويلها إلى نسخة مغربية من مدينة فرساي الفرنسية. وقد شيد فيها مجموعة من القصور والأسوار والبوابات والحدائق، حتى أصبحت تُعرف باسم "فرساي المغرب".
واحدة من أهم إنجازات مولاي إسماعيل هي الأسوار الضخمة التي يبلغ طولها أكثر من 40 كيلومترًا، والتي لا تزال قائمة إلى اليوم. هذه الأسوار، إلى جانب المعمار الفريد للمدينة، دفعت منظمة اليونسكو إلى إدراج المدينة التاريخية لمكناس ضمن قائمة التراث العالمي عام 1996.
كنوز خلف الأسوار: قصور وحدائق ملكية منسية
ورغم ضخامة هذه المنشآت، إلا أن الكثير من القصور الملكية داخل المدينة القديمة لم تنل الشهرة التي تستحقها، ومن أبرزها:
- قصر المنصور: الذي تم تحويل جزء منه إلى متحف، ويحتوي على زخارف فسيفسائية فريدة.
- قصر دار البيضاء (الملكي): مغلق أمام العامة حاليًا، لكنه لا يزال يُعد من روائع العمارة العلوية.
- قصر هري السواني: كان يُستخدم لتخزين المؤن والذخائر، ويتميز بأقبية هائلة وأعمدة ضخمة.
- هذه القصور تحمل طابعًا معماريًا يمزج بين الطراز الأندلسي والمغربي الأصيل، وتعكس قوة وهيبة الدولة العلوية في أوجها.
الوجه الثقافي والديني لمكناس
إضافة إلى القصور، تزخر مكناس بمعالم دينية وثقافية رائعة، منها:
- الجامع الكبير: بُني في القرن الثاني عشر، وهو من أقدم المساجد في المغرب.
- ضريح مولاي إسماعيل: أحد أهم المزارات الدينية في المغرب، حيث يُدفن مؤسس المدينة الحديثة.
- باب المنصور: أعظم أبواب المدينة وأكثرها زخرفة، ويُعتبر من أجمل الأبواب التاريخية في العالم الإسلامي.
مكناس اليوم: تراث مهمل ينتظر الإحياء
رغم إدراجها ضمن قائمة اليونسكو، لا تزال المدينة تعاني من نقص الاستثمار السياحي مقارنة بشقيقاتها فاس ومراكش. العديد من المواقع تحتاج إلى ترميم وترويج ثقافي لتعود إلى الواجهة السياحية الوطنية والعالمية.
ومع ذلك، فإن زائر مكناس اليوم لا بد أن يُدهش من أصالة المدينة، وصفاء أجوائها، وكرم أهلها، في تجربة تجمع بين التاريخ الحي والهدوء الروحي.
خاتمة
مدينة مكناس ليست مجرد مدينة مغربية، بل هي صفحة منسية من تاريخ إمبراطوري يستحق أن يُروى. إنها دعوة مفتوحة للمغامرين والمهتمين بالتراث لاكتشاف ما تخفيه الأسوار من كنوز ملوكية ونفحات أندلسية.