ما أسباب جنوح الحيتان على الشواطئ؟

يعد جنوح الحيتان إلى الشواطئ من أكثر الظواهر الغامضة التي حيرت العلماء لسنوات طويلة. في كل عام، تشهد سواحل مختلفة حول العالم حالات جماعية أو فردية لحيتان تفقد طريقها، وتنتهي بها الرحلة على اليابسة، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى نفوقها إذا لم تتدخل فرق الإنقاذ في الوقت المناسب. ورغم أن الأسباب الدقيقة لهذه الظاهرة لا تزال غير مفهومة بالكامل، فإن العلماء حددوا عدة عوامل قد تفسر هذا السلوك غير الطبيعي.

التأثيرات البيئية والتغيرات المناخية

تلعب التغيرات البيئية والمناخية دورًا مهمًا في جنوح الحيتان، حيث تؤثر في أنماط هجراتها وقدرتها على الملاحة. تؤدي التغيرات في درجات حرارة المحيطات والتيارات البحرية إلى اضطراب سلوك الحيتان، مما يدفعها إلى دخول مياه ضحلة أو مناطق قريبة من الشواطئ لا تستطيع الخروج منها. بالإضافة إلى ذلك، فإن التلوث البحري، وخاصة المواد الكيميائية والبلاستيك، يؤثر على صحة الحيتان، وقد يضعف أجهزتها العصبية، مما يؤدي إلى فقدانها القدرة على تحديد الاتجاهات. كما أن ازدياد مستويات الضوضاء الناتجة عن السفن والمعدات الصناعية في المحيطات قد يتداخل مع نظم الملاحة الصوتية لدى الحيتان، ما يجعلها تتجه نحو الشاطئ عن طريق الخطأ.

الاضطرابات البيولوجية والأمراض

قد يكون الجنوح مرتبطًا بحالات مرضية تؤثر على الجهاز العصبي أو الحسي للحيتان، مثل الالتهابات البكتيرية أو الطفيليات التي تؤثر على أعضائها المسؤولة عن تحديد المواقع عبر الموجات الصوتية. بعض الحيتان المصابة قد تعاني من ضعف أو ارتباك يؤدي بها إلى الشواطئ، وأحيانًا تتبعها حيتان أخرى من قطيعها بحكم طبيعتها الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الشيخوخة أو الإصابات الجسدية سببًا في فقدان بعض الحيتان قدرتها على السباحة لمسافات طويلة، ما يؤدي إلى جنوحها وانفصالها عن بيئتها الطبيعية.

تأثير الإنسان على البيئة البحرية أصبح عاملاً رئيسيًا في حوادث جنوح الحيتان. فالموجات الصوتية القوية الناتجة عن استخدام السونار العسكري أو عمليات البحث عن النفط تحت سطح البحر تؤثر سلبًا على الحيتان، حيث تتسبب في إرباك نظمها الملاحية الطبيعية، وتدفعها إلى الهروب نحو الشواطئ. إضافة إلى ذلك، فإن التصادم مع السفن العملاقة قد يصيب الحيتان بجروح بليغة تجعلها غير قادرة على السباحة، مما يؤدي إلى انجرافها نحو الساحل.

رغم تعدد النظريات حول أسباب جنوح الحيتان، فإن الأمر غالبًا ما يكون نتيجة تداخل عدة عوامل بيئية وبيولوجية وبشرية. ومع تزايد هذه الحوادث، يسعى العلماء إلى فهمها بشكل أعمق من أجل تطوير استراتيجيات للحد منها وإنقاذ هذه المخلوقات البحرية قبل فوات الأوان.