لماذا يحبس الآباء الكوريون الجنوبيون أنفسهم بزنزانات منعزلة؟

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 02 يوليو 2024
لماذا يحبس الآباء الكوريون الجنوبيون أنفسهم بزنزانات منعزلة؟

في كوريا الجنوبية يعيش نحو 5% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و34 عامًا بحالة من العزلة الطوعية لعدة أشهر، وذلك من أجل الهروب من ضغوط الحياة العصرية. وذلك بمحاولة لفهم معاناة أطفالهم، اختار بعض الآباء حبس أنفسهم في زنزانات خاصة تعرف بـ"مصنع السعادة".

فيما يعتبر الانعزال الطوعي بكوريا الجنوبية وسيلة للتعامل مع الضغوط الاجتماعية والنفسية الهائلة التي يواجهها الشباب حيث الكثير منهم يجدون في العزلة ملاذًا من ضغوط العمل والدراسة والتوقعات الاجتماعية. هذه الظاهرة تشير إلى القلق العميق والتوتر الذي يشعر به الشباب في مجتمع يسوده التنافس الشديد.

حيث يختار بعض الآباء الكوريين الجنوبيين تجربة هذه العزلة بأنفسهم في مصنع السعادة لفهم معاناة أبنائهم بشكل أفضل، حيث يجري حبسهم بزنزانات معزولة وذلك بعيدًا عن العالم الخارجي، ما يمنحهم فرصة للتأمل وفهم الحالة النفسية التي يمر بها أبناؤهم.

وهذه التجربة تتيح لهم الشعور بالضغوط التي يعاني منها الشباب، وتساعدهم في تقديم الدعم النفسي والمعنوي لأبنائهم بشكل أكثر فعالية. في العقود الأخيرة برزت ظاهرة، قبل أن تشتد مع جائحة كوفيد-19: "الهيكيكوموري " حيث يشير هذا المصطلح للمراهقين وكذلك البالغين الذين يعيشون في عزلة لمدة 6 أشهر على الأقل، وويضطرون إلى إعالة أنفسهم.

إنهم لا يدرسون ولا يعملون، ولا حتى يلتقون بأشخاص في بعض الأحيان هؤلاء الكوريون الذين يعانون من القلق العام، لا يغادرون حتى غرفهم. وكشفت دراسة استقصائية أجرتها وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بكوريا الجنوبية خلال العام السابق إنه من بين 15 ألف شاب تتراوح أعمارهم بين 19 و34 عاما، أن أكثر من 5% منهم عزلوا أنفسهم. وقد لا يقتصر الأمر على هذه الدولة الآسيوية، حيث يمكن مقارنتها بتلك التي تم تحديدها في التسعينيات في اليابان

ويعتبر مصنع السعادة هذا ليس سجنًا، حتى لو كنت تعتقد ذلك للوهلة الأولى حيث إن الغرف ذات الطراز البسيط في هذه المؤسسة الواقعة في هونغتشون غون، بمقاطعة كانغوون، ولا تتواصل مع بعضها البعض وهي ضيقة، كما تصف BBC، كما لا يسمح باستخدام الأجهزة الإلكترونية، ويقتصر الاتصال الوحيد بين أولئك الذين يعيشون هناك والعالم الخارجي على الباب الذي يتم من خلاله توزيع صواني الوجبات.

ويمثل احتجاز الآباء جزءاً من جهود أوسع لفهم ومعالجة الضغوط النفسية التي يواجهها الشباب في كوريا الجنوبية. من خلال تعزيز الوعي بالمشاكل النفسية واتخاذ خطوات ملموسة لدعم الشباب، تسعى الحكومة والمجتمع إلى خلق بيئة أكثر دعماً وصحة للأجيال القادمة.
 

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم