بيت السحيمي: درة العمارة العثمانية وشاهد على حقبة قاهرية

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 08 يناير 2025
بيت السحيمي: درة العمارة العثمانية وشاهد على حقبة قاهرية

يعتبر بيت السحيمي واحدًا من أبرز المعالم التاريخية التي تجسد روعة العمارة العثمانية في مصر، وتحديدًا في القاهرة، حيث يقف هذا المنزل كشاهِد حي على التطور الحضاري والثقافي الذي شهدته العاصمة المصرية خلال فترة الحكم العثماني. يقع بيت السحيمي في حي الدرب الأحمر بالقاهرة القديمة، وهو يعد من أهم البيوت التي حافظت على ملامحها الأصلية التي تعكس أسلوب الحياة في القرن السابع عشر والثامن عشر. يتميز البيت بتصميمه المعماري الفريد الذي يجمع بين عناصر العمارة العثمانية والمصرية التقليدية، مما يجعله نموذجًا مميزًا يُظهر التداخل الثقافي بين الفترات الزمنية المختلفة.

يعود تاريخ بناء بيت السحيمي إلى القرن السابع عشر، وهو من تصميم وتشييد تاجر ومالِك أراضٍ كان يمتلك هذا العقار. يتمتع البيت بتفاصيل معمارية تظهر التنوع والتأثيرات الثقافية التي كانت سائدة في القاهرة خلال تلك الحقبة الزمنية.  وأنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي، عام 1058هـ/ 1648م، وقد أنشأ القسم الثاني منه الحاج إسماعيل جلبي عام 1211هـ/ 1797م .

تعتبر عناصر العمارة العثمانية، مثل الأسقف المقرنصة والنوافذ الخشبية المزخرفة، من أبرز السمات التي تميز هذا المبنى، إضافة إلى الفناء الداخلي الذي يضم حديقة صغيرة وفناء واسع، ما يتيح للزوار الشعور بالهدوء والسكينة بعيدًا عن صخب المدينة.

تاريخ بيت السحيمي: من الحياة اليومية إلى التأثيرات الثقافية

يعد بيت السحيمي أحد الأمثلة القوية على كيفية تأثير الفترات التاريخية في البناء المعماري، حيث يظهر أنماط الحياة اليومية للعائلات التي كانت تعيش في تلك الحقبة. يقال أن المنزل كان مكانًا للتجارة أيضًا، حيث كان يستخدم كمركز تجاري وعائلي في نفس الوقت. 

من هنا يمكن للزائر أن يلمس التداخل بين الحياة الاجتماعية والتجارية في تلك الفترة. إضافة إلى ذلك، يعتبر هذا المنزل شاهدًا على نمط الحياة الراقي لطبقات النبلاء والتجار في القاهرة العثمانية.

خلال فترة ازدهار القاهرة في عهد الدولة العثمانية، كان هذا النوع من المنازل يبنى ليعكس مدى الرفاهية والثراء، وهو ما يظهر في كل زاوية من زوايا بيت السحيمي. 

فمن السجاد الفاخر والديكورات المعقدة إلى الفناء المزين بالزهور والنباتات، كانت كل تفاصيل المنزل تشير إلى حياة مفعمة بالترف والذوق الرفيع. وقد تأثرت العمارة العثمانية بشكل كبير بالثقافة الإسلامية، حيث تُظهر العناصر الزخرفية والتصميمات الفنية التي تجمع بين التقاليد الشرقية والابتكارات التركية.

بيت السحيمي اليوم: من المتحف إلى مركز ثقافي

اليوم، يعد بيت السحيمي أحد المعالم السياحية الهامة التي يزورها العديد من السائحين والمهتمين بالتاريخ والعمارة. بعد أن تم ترميمه في أوائل التسعينات، أصبح البيت مفتوحًا للجمهور ليتيح للزوار استكشاف تاريخ مصر العثماني. يحرص القائمون على الحفاظ على هذا المبنى الفريد من خلال مجموعة من المعارض والفعاليات الثقافية التي تنظم فيه بانتظام، من عروض موسيقية وفنية تحيي التراث المصري والعثماني، إلى ورش العمل التي تهدف إلى تعليم الزوار عن تاريخ القاهرة.

بيت السحيمي بمثابة متحف مفتوح للماضي المصري العريق، حيث يُمكن للزوار أن يختبروا أجواء الحياة في العصور السابقة، من خلال جولة تفصيلية داخل الأروقة الغنية بالتحف والأثاث التقليدي الذي يعود إلى العصر العثماني. كما يعتبر البيت مركزًا ثقافيًا يعزز الوعي بالتراث المعماري والتاريخي للقاهرة، ويُساهم في الحفاظ على ذاكرة المدينة ويُقدّمها للأجيال القادمة.
 

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم