المغرب.. جولة في عراقة المدن الإمبراطورية وروعتها

  • تاريخ النشر: منذ 9 ساعات
المغرب.. جولة في عراقة المدن الإمبراطورية وروعتها

المغرب، تلك الأرض التي تعانق التاريخ والجمال في كل زاوية، يحتضن بين طياته مجموعة من المدن الإمبراطورية التي تشكل مرجعية ثقافية وحضارية فريدة في العالم العربي والإسلامي. من فاس إلى مراكش، ومن مكناس إلى الرباط، تتناثر في ربوع هذا البلد المعطاء مدن تحمل في شوارعها وحاراتها عبق الماضي وأصالة الحضارات التي تعاقبت عليها.

في هذه الجولة، سنغوص في تفاصيل تلك المدن التي تجسد العراقة بكل معانيها، ونستكشف ما يميزها من فنون معمارية، تقاليد عريقة، وأسواق تعج بالحياة. المغرب ليس مجرد وجهة سياحية، بل هو رحلة في الزمن، تروي حكايات من الماضي، وتعرض جمال الحاضر.

الصويرة

الصويرة هي مدينة ساحلية تقع على شاطئ المحيط الأطلسي في المغرب، وتعتبر واحدة من أجمل وأهم المدن التاريخية في البلاد. تتميز هذه المدينة بمزيج فريد من الثقافة المغربية والعالمية، حيث تعكس تأثيرات الثقافة البرتغالية، الفرنسية، والعربية في معمارها وحياتها اليومية.

تعتبر مدينة الصويرة، التي كانت تعرف سابقًا بمسمى "مغادور"، مركزًا تجاريًا هامًا في العصور الوسطى، خاصة خلال فترة الاستعمار البرتغالي، كما كانت مركزًا رئيسيًا في تجارة الملح والأسلحة. تتمتع المدينة بتراث معماري رائع يتجسد في أسوارها القديمة، والأزقة الضيقة، والأسواق التقليدية، فضلاً عن مينائها الذي يعد من أبرز المعالم التاريخية في المدينة.

من أبرز ما يميز الصويرة هو المدينة العتيقة التي تم تصنيفها كموقع تراثي عالمي من قبل منظمة اليونسكو. المدينة محاطة بأسوار ضخمة مع أبراج دفاعية، وتشهد شوارعها أجواء حيوية مفعمة بالأسواق التقليدية (السوق القديم) التي تعرض الحرف اليدوية المحلية مثل الصناديق الخشبية المنحوتة والأقمشة التقليدية.

تعد الصويرة أيضًا وجهة محببة لعشاق الفن والموسيقى، حيث تقام فيها مهرجانات موسيقية وفنية، أشهرها مهرجان "موسيقى كناوة"، الذي يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالأنغام المغربية الأصيلة.

بالإضافة إلى تاريخها وثقافتها، تتمتع الصويرة بشواطئ جميلة ومياه هادئة، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق الرياضات المائية، مثل ركوب الأمواج. كما أن المناخ المعتدل والهواء النقي يعززان من جاذبيتها كوجهة سياحية مميزة.

مراكش

مراكش، واحدة من أكثر المدن شهرة في المغرب وأحد أروع الوجهات السياحية في العالم، تجمع بين العراقة والجمال بشكل يلامس كل الزوار. تأسست في القرن الحادي عشر على يد السلطان يوسف بن تاشفين، وأصبحت بسرعة مركزًا هامًا للثقافة، التجارة، والتعليم في المنطقة.

تعتبر مراكش العاصمة الثقافية للمغرب بفضل تاريخها العريق الذي يتجسد في معمارها الفريد وأزقتها الملتوية، وتعد من أبرز المدن الإمبراطورية المغربية إلى جانب فاس ومكناس والرباط. في مراكش، يتمكن الزوار من الاستمتاع بتجربة لا مثيل لها من خلال زيارة معالم تاريخية مثل "ساحة جامع الفنا"، التي تعتبر قلب المدينة النابض، حيث تتنوع الأنشطة بين عروض البائعين، والموسيقيين، والسحرة، والمهرجين. وتعد هذه الساحة جزءًا من التراث الثقافي للإنسانية حسب تصنيف اليونسكو.

تشتهر مراكش أيضًا بحدائقها الرائعة مثل "حديقة ماجوريل" الشهيرة، التي صممها الفنان الفرنسي جاك ماجوريل، والتي أصبحت الآن ملكًا لمتحف إسلامي. كما أن المدينة تحتوي على العديد من المعالم المعمارية المدهشة، مثل "قصر الباهية"، و"قصر الملكي"، و"مسجد الكتبية"، التي تبرز بارتفاع مآذنها الفريدة وأسلوبها المعماري المغاربي.

تعتبر أسواق مراكش (أو "السوق الكبير") من أروع الأسواق التقليدية في المغرب، حيث تتنوع السلع المعروضة من الحرف اليدوية مثل السجاد الفاخر، والأقمشة، والتوابل، والمجوهرات، وكذلك المصنوعات الجلدية. تُعتبر هذه الأسواق متاهة حقيقية حيث يمكن للزوار التجول بين الأزقة الضيقة، وتفقد كل زاوية بحثًا عن كنز جديد.

علاوة على ذلك، تتمتع مراكش بمناخ معتدل طوال العام، مما يجعلها وجهة مفضلة للسياحة. وفي المساء، يضفي الجو الرومانسي والأنوار التي تزين المدينة القديمة سحرًا خاصًا على المكان.

مرزوكة

مرزوكة هي قرية تقع في الصحراء الكبرى، في جنوب شرق المغرب، بالقرب من مدينة الرشيدية. تُعد مرزوكة من أبرز الوجهات السياحية في المغرب بفضل موقعها الفريد في قلب الصحراء، وتحديدًا قرب الكثبان الرملية الشهيرة في منطقة "عَجْدَار" أو "عِرْق الشبي"، وهي واحدة من أعلى الكثبان الرملية في العالم، حيث يصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من 150 مترًا.

تعتبر مرزوكة نقطة انطلاق مثالية لاستكشاف الصحراء الكبرى والتعرف على جمالاتها الفريدة. يزور السياح هذه المنطقة للاستمتاع بتجربة ركوب الجمال عبر الكثبان الرملية، والتخييم تحت السماء الصافية في خيم بدوية تقليدية، والتمتع بالأجواء الهادئة التي لا توجد إلا في قلب الصحراء. في المساء، يمكن للزوار التمتع بمشاهدة غروب الشمس الساحر فوق الرمال الذهبية، وهي تجربة لا تُنسى.

إلى جانب النشاطات الصحراوية، تتمتع مرزوكة أيضًا بتراث ثقافي غني، حيث يمكن للزوار التعرف على الحياة البدوية التقليدية، وزيارة القرى المحيطة، والتمتع بالموسيقى الشعبية مثل "موسيقى إينوكال" التي تعكس التراث الأمازيغي في المنطقة.

كما يمكن للزوار زيارة "بحيرة مرزوكة" الموسمية، وهي بحيرة صغيرة تظهر خلال فترات معينة من السنة، ما يخلق منظرًا مدهشًا بين الرمال. يعتبر الفلك أيضًا من الأنشطة الشائعة في مرزوكة، حيث يتيح الصمت الصحراوي السماء المظلمة لتصبح مرصدًا طبيعيًا لمراقبة النجوم والكواكب.

أصيلة

أصيلة هي مدينة ساحلية تقع على سواحل المحيط الأطلسي في شمال المغرب، وتعد واحدة من أجمل المدن التاريخية في البلاد. تشتهر أصيلة بتراثها الثقافي الغني ومعمارها الفريد، مما يجعلها وجهة مفضلة للزوار الباحثين عن جمال البحر والتاريخ العريق.

تاريخ أصيلة يمتد لآلاف السنين، حيث كانت في العصور القديمة مستوطنة فينيقية، ثم تحولت إلى مدينة مهمة خلال الحكم البرتغالي في القرن الخامس عشر. تعتبر المدينة، بمعمارها التقليدي، واحدًا من أفضل الأمثلة على التفاعل بين الثقافة المغربية والأوروبية في العصور الوسطى. تتميز أصيلة بموقعها الجميل بين البحر والجبال، وهو ما يضيف إلى جاذبيتها السياحية.

أصيلة مشهورة أيضًا بأسوارها القديمة التي تحيط بالمدينة القديمة، والتي تتميز بالأبراج الدفاعية والمداخل المزخرفة. تتناثر في شوارع المدينة الأزقة الضيقة والمبلطة بالحجارة، والمنازل البيضاء التي تزينها الأبواب الخشبية الزرقاء. تعد المدينة القديمة في أصيلة نقطة جذب رئيسية للزوار، حيث يمكنهم التجول بين الأسواق التقليدية (السوق القديم) واكتشاف الحرف اليدوية المحلية مثل الفخار والسجاد.

تعتبر أصيلة مدينة الفن والثقافة، حيث تحتضن سنويًا مهرجانًا دوليًا للفن التشكيلي، الذي يجذب الفنانين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم. خلال المهرجان، يتم تحويل بعض جدران المدينة إلى لوحات فنية عملاقة، مما يضفي على المدينة طابعًا فنيًا فريدًا.

بالإضافة إلى جمال المدينة وثرائها الثقافي، تتمتع أصيلة بشواطئها الرملية الجميلة، التي توفر للزوار فرصة للاسترخاء والاستمتاع بالرياضات المائية. تجذب المياه الصافية والشواطئ الهادئة عشاق السباحة وركوب الأمواج، مما يجعلها وجهة مثالية للعطلات الصيفية.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم