أناكلِيا: المدينة الغريبة على ساحل البحر الأسود

تقع مدينة أناكلِيا في الطرف الشمالي من ساحل جورجيا، وتبعد حوالي 300 متر فقط عن الخط الفاصل مع أبخازيا. تمتاز هذه المنطقة بجمال طبيعي آسر، لكن قصتها تمزج بين الأحلام الكبيرة والمشاريع المهجورة، ما يجعلها واحدة من أغرب الأماكن التي يمكن زيارتها في جورجيا.

على الرغم من أن شواطئها النظيفة كانت تبشر بتحولها إلى وجهة سياحية تنافس مدينة باتومي الشهيرة، إلا أن أناكلِيا ظلت عالقة في حالة من الوعود غير المكتملة. المباني الفارغة والفيلات نصف المشيدة والبنية التحتية غير المستغلة هي مشاهد شائعة هنا، مما يعكس مشهداً من طموحات كبيرة لم تتحقق.

فيما يلي استعراض لما يجعل أناكلِيا وجهة فريدة، وما يمكن للزائرين فعله خلال رحلتهم إليها.

نبذة تاريخية عن أناكلِيا

تقع أناكلِيا في منطقة ساميغريلو بغرب جورجيا، وتعود أصولها إلى مملكة كولخيس القديمة. تنقلت السيطرة على المدينة بين العثمانيين والإمبراطورية الروسية، وبحلول منتصف القرن التاسع عشر كانت ميناءً محصناً يعيش فيه مزيج من الجورجيين، الأبخاز، الشركس، اليونانيين، الأرمن واليهود.

في الحقبة السوفييتية، أُثير اهتمام الحزب الشيوعي بالموقع كمرسى محتمل لميناء عميق. إلا أن خطط بناء الميناء، التي وُضعت في الثمانينيات، لم تتحقق أبدًا. تجددت المحاولات خلال فترة رئاسة ميخائيل ساكاشفيلي مع مشروع "لازيكا" الذي كان يهدف إلى تحويل المدينة إلى مركز سياحي وتجاري، لكن المشروع توقف سريعًا.

معالم ونشاطات يمكن القيام بها في أناكلِيا

1. استكشاف منحوتة الرصيف

منحوتة الرصيف هي هيكل معدني بارتفاع 33 مترًا، يقع على منصة خرسانية تمتد فوق البحر الأسود. صمم هذا العمل المهندس الألماني يورغن هيرمان ماير، ويعد واحداً من أبرز المعالم التي أُنشئت ضمن مشروع لازيكا. رغم جمالها الفني، تُظهر المنحوتة علامات إهمال مثل الصدأ ونمو الطحالب. يمكن للزوار الدخول إلى داخل المنحوتة، ولكن بحذر شديد بسبب تدهور البنية التحتية.

2. المشي على كورنيش الشاطئ

يمتد كورنيش أناكلِيا على طول الشاطئ، ويتميز بمسارات للمشي وأشجار النخيل ومقاعد منحوتة. ورغم تصميمه الجميل، يفتقر الكورنيش للحيوية والأنشطة، حيث نادرًا ما تجد زوارًا. ومع ذلك، فإن هدوء الكورنيش قد يكون ميزة لأولئك الذين يبحثون عن مكان للاسترخاء والاستمتاع بالمناظر.

3. الفنادق والمباني المهجورة

تعد المباني المهجورة واحدة من أبرز معالم أناكلِيا الغريبة. من بينها فندق الصوف الذهبي، وهو منتجع ضخم على شاطئ البحر، مغلق ومهجور بالكامل. كذلك توجد فيلات نصف مشيدة ومبانٍ أخرى تركت في حالة من النسيان، مما يجعل المنطقة وجهة مثيرة لمحبي استكشاف الأماكن المهجورة.

4. عبور الجسر الخشبي المعلق

يمتد الجسر الخشبي المعلق على نهر إنغوري بطول 504 أمتار، ويعد أطول جسر خشبي معلق في أوروبا. ورغم جمال التصميم، يعاني الجسر من تدهور واضح نتيجة التعرض للعوامل الجوية. الجسر يوفر مناظر خلابة للنهر والبحر الأسود، ويعد نقطة جذب سياحي مميزة.

5. حطام السفينة مورسكوي كونيك

على شاطئ غانموخوري، تقع سفينة مورسكوي كونيك المهجورة. هيكل السفينة الصدئ يضفي طابعًا دراميًا على المشهد، ويجعلها مكانًا مميزًا للتصوير. الغموض يحيط بتاريخ السفينة وكيفية وصولها إلى هذا المكان، مما يثير فضول الزوار.

6. الأمفيثياتر المهجور

يقع مسرح غانموخوري المفتوح على الشاطئ، وهو هيكل فني رائع بُني لاستيعاب 2000 شخص. تصميمه المبتكر يجعله يبدو كأنه جزء من البحر، إلا أن المسرح يعاني من الإهمال، ولم يشهد أي عروض منذ عام 2018.

7. الاقتراب من أبخازيا

يمكنك السير شمالًا على شاطئ غانموخوري، حتى تقترب من الخط الفاصل مع أبخازيا. المشهد هناك هادئ وغامض، ويعكس التوتر السياسي في المنطقة، لكن التجربة تظل مثيرة.

8. مشاهدة غروب الشمس عند برج أناكلِيا

يعد برج أناكلِيا أحد المعالم المميزة التي أُنشئت ضمن مشروع لازيكا. على الرغم من أنه لم يُكتمل أبدًا، يوفر البرج منظرًا رائعًا لغروب الشمس. الإضاءة الليلية تضفي جمالاً إضافياً على المكان.

9. النصب التذكاري لإبادة الشركس

يخلد النصب التذكاري في أناكلِيا ذكرى إبادة الشركس التي وقعت في القرن التاسع عشر. جورجيا هي الدولة الوحيدة التي اعترفت بهذا الحدث كإبادة جماعية، ويعد النصب شهادة على تاريخ المنطقة.

10. رحلة بالقارب في منتزه كولخيتي

يمكن للزوار استكشاف مستنقعات منتزه كولخيتي الوطني عن طريق رحلات بالقوارب تبدأ من أناكلِيا. هذه المنطقة هي موطن لملايين الطيور المهاجرة، وتُعرف بـ"الأمازون الجورجية"، مما يجعلها وجهة فريدة لعشاق الطبيعة.

ختامًا

أناكلِيا ليست الوجهة التقليدية للسياح، لكنها تقدم تجربة فريدة من نوعها تجمع بين جمال الطبيعة وسحر الأماكن المهجورة. سواء كنت تبحث عن الهدوء، أو الفضول لاستكشاف المشاريع الغريبة، فإن زيارة أناكلِيا ستكون بلا شك تجربة لا تُنسى.