هل كثرة الرحلات الجوية تسبب مخاطر صحية؟
تُعد الرحلات الجوية وسيلة مريحة وسريعة للسفر حول العالم، لكنها تأتي مع مجموعة من التحديات الصحية التي قد تؤثر على المسافرين، خاصةً أولئك الذين يسافرون بشكل متكرر. مع ازدياد عدد الرحلات الجوية، قد يتساءل البعض عما إذا كانت كثرة الطيران تشكل مخاطر صحية جدية. في هذا المقال، سنستعرض بعض الآثار الصحية المحتملة للسفر الجوي المتكرر وكيف يمكن تقليل هذه المخاطر.
الإجهاد الناتج عن اختلاف التوقيت
أحد أكثر التحديات الصحية شيوعًا التي يواجهها المسافرون هو اضطراب الساعة البيولوجية أو ما يُعرف بـ "اختلاف التوقيت" (Jet Lag). يحدث هذا الاضطراب عندما يسافر الشخص عبر مناطق زمنية مختلفة، مما يؤدي إلى اختلال في إيقاع النوم واليقظة الطبيعي. هذا الاختلال يمكن أن يسبب التعب، صعوبة في التركيز، واضطرابات النوم، مما يؤثر على أداء الفرد اليومي.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
بالنسبة للأشخاص الذين يسافرون بشكل متكرر، قد يؤدي اضطراب التوقيت إلى تأثيرات أكثر عمقًا على الصحة، بما في ذلك ضعف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. لتقليل تأثير اضطراب التوقيت، يُنصح المسافرون بمحاولة التكيف مع المنطقة الزمنية الجديدة في أقرب وقت ممكن، مثل تغيير وقت النوم تدريجيًا قبل السفر، وتجنب الكافيين والكحول أثناء الرحلة.
زيادة خطر التعرض للإشعاعات
من المخاطر الصحية الأخرى المرتبطة بالسفر الجوي المتكرر هو التعرض للإشعاعات الكونية. على الرغم من أن مستوى الإشعاع الذي يتعرض له المسافرون على متن الطائرات يكون منخفضًا نسبيًا، إلا أنه يتزايد مع كل رحلة، خاصةً على الرحلات الطويلة وعند السفر على ارتفاعات عالية. يُعتبر هذا النوع من الإشعاع طبيعياً، لكن مع تكرار التعرض له، قد يكون هناك زيادة طفيفة في خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل السرطان.
يجب على المسافرين الذين يقومون برحلات متكررة أن يكونوا على دراية بهذا الخطر، وخاصة أولئك الذين يسافرون بشكل مهني مثل الطيارين وأطقم الطائرات. مع ذلك، فإن مستوى الإشعاع الذي يتعرض له المسافرون لا يزال ضمن الحدود المقبولة من قبل الهيئات الصحية الدولية، ولا يتطلب تدابير وقائية خاصة للغالبية العظمى من المسافرين.
الجلوس لفترات طويلة وخطر الجلطات الدموية
الرحلات الجوية الطويلة تعني الجلوس لفترات ممتدة، مما قد يزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم، خاصة في الساقين. هذا الخطر يعرف بمتلازمة الدرجة السياحية أو "تجلط الأوردة العميقة" (Deep Vein Thrombosis - DVT). الجلوس لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ تدفق الدم في الأوردة، مما يزيد من احتمالية تكوّن الجلطات.
لتجنب هذه المشكلة، يُنصح المسافرون بالتحرك بشكل دوري أثناء الرحلة، مثل القيام من مقعدهم للمشي في الممرات، أو القيام بتمارين بسيطة للساقين والقدمين أثناء الجلوس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ارتداء جوارب الضغط الخاصة (Compression Socks) التي تساعد على تحسين تدفق الدم وتقليل خطر الجلطات. شرب كمية كافية من الماء وتجنب الكحول والكافيين يمكن أن يساعد أيضًا في الحفاظ على الدورة الدموية الجيدة.
في الختام، رغم أن السفر الجوي يوفر العديد من المزايا والراحة، إلا أن كثرة الرحلات الجوية قد تترافق مع بعض المخاطر الصحية. من خلال الوعي بهذه المخاطر واتباع بعض التدابير الوقائية البسيطة، يمكن للمسافرين الحفاظ على صحتهم وتقليل الآثار السلبية للسفر الجوي المتكرر.