هل الرحلات الجوية المتأخرة أكثر عرضة للإلغاء؟
تشكل الرحلات الجوية المتأخرة مصدر قلق كبير للمسافرين، ليس فقط بسبب التأخير نفسه، بل لأن التأخير قد يزيد من احتمالية إلغاء الرحلة بالكامل. يعتبر إلغاء الرحلة بعد الانتظار أمراً مرهقاً ويتسبب في تغيير جذري لخطط المسافرين. وبينما تسعى شركات الطيران لتجنب الإلغاء قدر الإمكان، إلا أن بعض الظروف تجعل الرحلات المتأخرة أكثر عرضة للإلغاء. دعونا نلقي نظرة على العوامل التي تجعل من الرحلات المتأخرة أكثر عرضة لهذا الإجراء، وكيفية تأثير هذه العوامل على القرار النهائي بإلغاء الرحلة.
تعتمد شركات الطيران على جدول دقيق ومحكم للرحلات، حيث تتأثر الرحلة الأولى في اليوم بالعديد من العوامل اللوجستية، والتي تشمل جاهزية الطائرة، وتوافر الطاقم، والظروف الجوية. وعندما تتأخر رحلة واحدة، يكون لهذا التأخير تأثير مضاعف على الرحلات اللاحقة بسبب الاعتماد على نفس الطائرة أو نفس طاقم العمل. وتزيد هذه "السلسلة" من تأخرات الطيران مع مرور اليوم، حيث يترتب على كل تأخير في الرحلات الأولى تعديل جدول الطيران بأكمله، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تداخل كبير بين مواعيد الرحلات وعدم قدرة الشركات على مواصلة جدولها.
في حال كان هناك تأخير كبير، قد تضطر شركات الطيران إلى إلغاء بعض الرحلات لإعادة ضبط الجداول وتنظيم حركة الطيران. يعتمد هذا القرار على أهمية كل رحلة ومدى الضرورة الملحة لإتمامها مقارنة بالرحلات الأخرى. فعلى سبيل المثال، قد يتم إلغاء الرحلات الداخلية أو القصيرة التي يمكن إعادة جدولتها بسهولة أكبر من الرحلات الدولية أو ذات الطلب المرتفع. ويلاحظ أن الرحلات التي يتم تأجيلها لعدة ساعات في بداية اليوم هي الأكثر عرضة للإلغاء، إذ يصعب إيجاد وقت مناسب لإعادة جدولتها في اليوم ذاته، ما يضطر شركات الطيران إلى اتخاذ قرار الإلغاء كحل لتجنب المزيد من التأخيرات المتتابعة.
دور الأحوال الجوية في زيادة احتمالية الإلغاء
تعد الظروف الجوية من أهم العوامل التي تساهم في تأخير وإلغاء الرحلات الجوية، خاصةً في فصل الشتاء أو في المناطق ذات الطقس المتقلب. فعندما تبدأ العواصف أو تزداد كثافة الأمطار أو تتساقط الثلوج، قد تضطر الطائرات إلى الانتظار لفترة حتى تتضح الرؤية أو تتحسن الأحوال الجوية لضمان سلامة الرحلات. لكن في حال استمرت الأوضاع الجوية السيئة لفترة طويلة، قد لا يكون من المجدي لشركات الطيران الاستمرار في الانتظار، مما يدفعها إلى اتخاذ قرار إلغاء الرحلة بشكل نهائي.
على سبيل المثال، تتعرض العديد من الرحلات للتأخير خلال فصل الشتاء في الدول ذات المناخ البارد، حيث تتطلب الظروف الجوية أعمالاً إضافية مثل إزالة الثلوج من على الطائرات أو تنظيف المدرجات. وعندما يتطلب هذا الأمر وقتًا طويلًا، يتسبب ذلك في تراكم التأخيرات وإجبار شركات الطيران على إعادة ترتيب الأولويات. وقد تكون الرحلات المؤجلة التي لا يتوفر لها وقت بديل للإقلاع هي الخيار الأمثل للإلغاء. كما أن الرحلات التي تعتمد على رحلات متتابعة تتوقف في مطارات معروفة بتقلبات الطقس تكون أكثر عرضة للإلغاء مقارنةً بالرحلات المباشرة التي تقلع وتهبط في وجهات أقل تأثرًا بالطقس السيئ.
القيود التنظيمية وتأثيرها على قرار الإلغاء
توجد قوانين وقيود تنظّم عمل شركات الطيران وتتعلق بتوفير الحد الأدنى من الراحة للركاب وأطقم الطائرات. عندما تتجاوز التأخيرات وقتًا معينًا، تصبح شركات الطيران ملزمة باتخاذ قرارات تهدف إلى التخفيف من معاناة الركاب والالتزام بسلامتهم. على سبيل المثال، تتطلب قوانين الطيران أن يتم تزويد الركاب بالطعام والشراب بعد مرور فترة محددة من التأخير، وفي حال تأخر الطائرة على المدرج لأكثر من عدد محدد من الساعات، يتم إجبار الشركات على السماح للركاب بالنزول. هذه القوانين تجعل من الصعب على شركات الطيران الاستمرار في تأخير الرحلات، وتضعها أمام خيار إما توفير الخدمة الكاملة للركاب أو إلغاء الرحلة بشكل كامل.
كما أن قوانين العمل المتعلقة بأطقم الطيران تمنع عمل الطيارين والمضيفين لساعات طويلة دون فترات راحة كافية. وعندما يحدث تأخير كبير، قد يكون من غير الممكن التزام طاقم الطائرة بالجدول الزمني المقرر للعمل، وهذا يدفع شركات الطيران إلى إلغاء الرحلة حفاظًا على سلامة الركاب والالتزام بتعليمات السلامة. على سبيل المثال، إذا تأخرت الرحلة إلى وقت يتجاوز فيه الطيار أو الطاقم ساعات عملهم القانونية، فإن هذا قد يؤدي إلى إلغاء الرحلة لعدم إمكانية تشغيلها بطاقم جديد في الوقت ذاته، لا سيما إذا كان المطار مزدحمًا أو يعاني من نقص في الموارد.
تتأثر الرحلات المتأخرة بعدة عوامل تجعلها أكثر عرضة للإلغاء، بدءًا من التداخلات الزمنية مع رحلات أخرى، مرورًا بالأحوال الجوية، وصولًا إلى القوانين المنظمة لعمل شركات الطيران وأطقمها. لهذا يواجه المسافرون التأخيرات كواقع قد ينتهي بإلغاء الرحلة، ويُنصح المسافرون الذين يواجهون تأخيرًا طويلًا بالبقاء على تواصل مع موظفي المطار وشركة الطيران للاطلاع على آخر التحديثات، والاستعداد لإيجاد بدائل في حال تم إلغاء الرحلة بشكل نهائي.