نزاع حول القيمة الإيجارية يهدد مقهى تاريخي في روما بالزوال
لافتة تدعو للتأمل، معلقة خارج مقهى أنتيكو جريكو Antico Greco الذي يقع أسفل مدرجات إسبانيا في قلب روما الإيطالية، مكتوب عليها: 250 عاماً، فهل عاش هذ المقهى ما يزيد عن قرنين ونصف من الزمان؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
إذا ذهبت إلى هناك، لعلك تتأمل تاريخ المقهى وتنظر إلى طاولاته المصنوعة من الرخام ومقاعده التي جرى تنجيدها حديثاً ولوحات الرسم الزيتيتة القديمة التي تعيدك إلى أجواء الماضي، لكن كل هذا الحنين قد ينتهي في لحظة إذا علمت أن هذا التراث مهدد بالزوال في القريب العاجل.
وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام إيطالية، من المفترض أن يغادر المستأجران الحاليات للمقهى وهما: كارلو بيليجريني وزوجته فلافيا إيوزي المكان، نظراً لأن عقد الإيجار الذي بحوزتهما انتهى أجله منذ عام 2017 ولم يجر تجديده.
الأمر كله يتعلق بالمال، أو بشكل أكثر دقة بما يعتبر قيمة إيجارية مناسبة في هذه المنطقة مرتفعة الأسعار التي تزخر بالمتاجر الفخمة، فمالك المبنى هو المستشفى الإسرائيلي في روما. ووفقا لبيان المستشفى، لم يتم التوصل إلى اتفاق مع المستأجر بما يتناسب مع القيمة السوقية للمقهى. وقال البيان: إن كل دخل من التأجير يجري استثماره في المستشفى، لخدمة جميع المواطنين.
يقول بيليجريني الذي يجلس بجوار زوجته فلافيا وابنه لوكا على أريكة صغيرة موروثة من ممتلكات مؤلف القصص الخيالية الدنماركي هانز كريستيان أندرسن، الذي عاش في السابق في المبنى التاريخي: إننا ندفع حاليًا 22 ألف يورو بما يعادل 24 ألف دولار شهرياً ومستعدون لدفع المزيد، لكنهم يطلبون 120 ألف يورو شهرياً، أي ما يقرب من 6 أضعاف القيمة الإيجارية الحالية.
كان المقهى، الذي جرى ذكره لأول مرة في وثيقة عام 1760، ملتقى للكتاب منذ المراحل المبكرة لتشييده، حيث كان يوهان فولفجانج فون جوته زبوناً، كذلك الشاعر الفرنسي ستيندال والشاعر البولندي آدم ميكيفيتش. وهناك لوحة رسم زيتية من أعمال دومينيكو موريلي معلقة فوق الأريكة.
وأشارت بعض التقارير الإعلامية إلى اهتمام علامات تجارية عالمية فاخرة بالاستحواذ على المبنى. غير أن المستشفى الإسرائيلي قال: إن المقهى سيظل مقهى، ولكن تحت إشراف إدارة مختلفة.
وقال متحدث باسم وزير الثقافة الإيطالي داريو فرانسشيني: المقهى مهم للغاية لروما كمكان للثقافة الأوروبية والترخيص مرتبط بشكل وثيق بالموقع.
ونفى المتحدث باسم المستشفى فابيو بيروجيا أن يكون المستشفى قد طلب مبلغاً محددًا من بيليجريني وعرض القضية بشكل مختلف حيث قال: إن المستشفى تلقى عروض إيجار تتراوح قيمتها بين 120ألفا و180ألف يورو شهرياً.
وأضاف: هناك أمر من المحكمة يقضي بأنه يتعين على بيليجريني تسليم المكان. وتابع: سيكون هناك مستأجر جديد لتشغيل المقهى اعتباراً من عام 2020، وسوف يلاحظ السياح الفرق بالكاد.
ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، وفقاً للمستأجرين الحاليين بيليجريني وإيوزي، اللذين يصران على أن المالك يمتلك الجدران فقط أي المبنى، غير أنهما يمتلكان الموجودات التاريخية.
من جانبه، قال المتحدث باسم المستشفى بيروجيا إنه لا يوجد سجل مكتوب بذلك، لذلك يبدو أن هناك إرهاصات لمعركة قانونية معقدة بشأن المقهى، ولأسباب تتعلق بالحفظ التاريخي، فإن جمع كل القطع الأثرية وتعبئتها وفتح مقهى في مكان آخر أمر غير وارد نظراً لأن هناك لوائح قانونية يجب وضعها في الاعتبار.
شاهد أيضاً: تعرفوا على أعلى مقهى في العالم داخل جبل جليدي!
وتشكك الزوجة إيوزي فيما إذا كان بمقدور أِي مشغل للمقهى أن يواصل العمل مع قيمة إيجارية من ستة أرقام. ولاحظ بيليجريني ارتفاعا في المضاربات حيث يتم افتتاح منشآت تجارية جديدة ولكنها توقف نشاطها بشكل متكرر.
المحال المجاورة للمقهى تتاجر في بضائع تحمل علامات تجارية فاخرة مثل: برادا، كارتييه وجوتشي. ومقهى جريكو بمثابة جزيرة تقليدية في هذا البحر من التفسخ الحديث.
وقالت أيوزي: إن الطابع المميز لأي مدينة يضيع عندما ترى نفس العلامات التجارية في كل مكان.
This browser does not support the video element.