مدينة شبام: كيف بنى أهلها ناطحات سحاب من الطين؟
يعتقد البعض إنها أقدم مدينة ناطحات سحاب في العالم، ويطلق عليها الكثيرون اسم "مانهاتن الصحراء"، تضم بعض من أطول المباني الطينية في العالم، واليونسكو أدرجتها على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
في حلقة اليوم من برنامج "عجائب الآثار"، نروي لكن حكاية مدينة شبام، الأعجوبة المعمارية التي لن تتكرر.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تاريخ مدينة شبام
في شرق دولة اليمن، وبالتحديد في محافظة حضرموت، توجد واحدة من أشهر المدن الأثرية في العالم، والتي تعد بحق أعجوبة معمارية، إنها مدينة "شبام" التاريخية.
يرجع تاريخ أول نقش معروف عن مدينة شبام، إلى القرن الثالث الميلادي، حيث كانت في تلك الفترة عاصمة مملكة حضرموت، إلا أن النمط المعماري المدهش لهذه المدينة، والتي كان سبباً في شهرتها، لا يزيد عمره عن 600 عام.
مبانيها الطينية شاهقة الارتفاع سر إعجازها
تشتهر تلك المدينة بمبانيها الطينية الشاهقة، المبنية من الطوب اللبن، والتي أقيمت في القرن السادس عشر الميلادي، حيث يعتبرها الأثريون، أحد أقدم وأفضل نماذج التنظيم المدني الدقيق المرتكز على البناء العمودي.
ويعتقد المؤرخون أن أول من سكن تلك المباني وأقامها، هم مشايخ: آل باعبيد، آل باجرش وآل عقبة، وقد لجأ إلى بناء منازلهم الطينية بهذا الارتفاع الكبير، من أجل حماية السكان من هجمات البدو، الذين اعتادوا الإغارة على شبام وسلب أهلها.
وتضم المدينة حالياً، بعضا من أطول المباني الطينية في العالم، حيث يزيد ارتفاع عدد من مبانيها عن 98 قدماً، وتشتمل بعض تلك المباني على 11 طابقاً، حيث يتكون كل طابق من غرفة أو غرفتين على الأكثر.
وبالإضافة إلى المباني السكنية الشاهقة، تضم المدينة أيضاً مباني طينية مذهلة، عبارة عن قصور قديمة لسلاطين وبوابة مزدوجة تذكارية ومبان أخرى، يصل عددها إلى 500 مبنى، تتشابه جميعاً في كونها مبنية من الطين، إضافة إلى مبان أثرية أخرى يرجع تاريخها إلى بداية العصر الإسلامي، مثل مسجد الجمعة والقلعة.
المذهل في أمر هذه المدينة الأثرية، أنه لم يسبق لأي مدينة أخرى أن استخدمت الطين في بناء مباني بهذا العلو الشاهق، حيث كان نجاح سكان شبام في بناء منازلهم بهذا الارتفاع، بمثابة ثورة معمارية لازالت تدهش الأثريين إلى اليوم.
أقدم مدينة ناطحات سحاب في العالم
ونتيجة لهذا النمط غير التقليدي، فقد أطلق على مدينة شبام الكثير من الألقاب والأسماء، التي تكشف عن مدى دهشة العالم من روعة مبانيها، حيث أطلق عليها أقدم مدينة ناطحات سحاب في العالم، كما اعتاد الكثيرون تسميتها بمنهاتن الصحراء وشيكاغو الصحراء.
ويرجع السبب في هذه التسمية، إلى أن مبانيها تظهر من بعيد وكأنها ناطحات سحاب فعلية، إلا أنها مكسوة باللونين الأبيض والأصفر، إضافة إلى أنها كانت بمثابة ناطحات سحاب حقيقية عندما بنيت لأول مرة، قياساً على أطوال المباني التي كانت سائدة في العالم خلال القرن السادس عشر.
تواجه المدينة في الوقت الحالي، خطراً يهدد بزوال مبانيها خلال العقود المقبلة بسبب الطقس السيء، حيث يتسبب المطر في تضرر المباني بشكل كبير، إضافة إلى الفيضانات التي تضرب المدينة بين الحين والآخر، وهو ما كان سبباً في انهيار بعض مبانيها الشاهقة خلال العقود الماضية، بعدما تعرضت أساساتها لأضرار بالغة.
وبهدف تجنب هذا المستقبل الصعب، يقوم سكان شبام بصيانة مبانيهم الطينية المعجزة، بشكل روتيني عن طريق وضع طبقات جديدة من الطين بين الحين والآخر، كما يسعى بعض الأثريون للبحث عن وسائل قادرة على حماية المدينة من الأخطار وضمان سلامتها.
هل تعيش لقرون مقبلة كما يظن أهلها؟
ونظراً لهذه القيمة التاريخية والمعمارية الفريدة، أدرجت منظمة اليونسكو مدينة شبام على قائمة التراث العالمي عام 1982، قبل أن تقوم في عام 2015، بوضع المدينة على قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر.
وبرغم كل ذلك، يؤمن سكان شبام بأن مدينتهم ستظل قائمة لقرون مقبلة، ولا يخشون عليها من الزوال، ويؤمنون بأنها قادرة على الصمود في مواجهة الطقس والفيضانات كما صمدت لمئات السنين.