مدينة أمريكية تستقبل شهر رمضان بفانوس ضخم: تعايش رغم الاختلاف
في لفتة رائعة تعبر عن التسامح وقبول الآخر، نصّبت إحدى مدن ولاية نيوجيرسي الأمريكية، فانوساً كبيراً احتفالاً بقدوم شهر رمضان، لتكون أول مدينة أمريكية تقوم بذلك في الموسم الرمضاني لهذا العام 1442هـ- 2021م.
ويحتفل المسلمون من حول العالم هذه الأيام، بقدوم شهر رمضان المبارك، الذي بدأ يوم 13 أبريل الجاري في معظم البلدان العربية والإسلامية، وهو شهر مميز وذو مكانة خاصة عن باقي شهور السنة الهجرية لأنه شهر الصيام الذي يُعد أحد أركان الإسلام الخمس، وفيه يمتنعون المسلمون عن الطعام والشراب وعدد من المحظورات من الفجر وحتى غروب الشمس.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وحضر حفل تنصيب فانوس رمضان في مدينة باترسون الأمريكية، عمدة المدينة وأعضاء المجلس البلدي، ومثّل هذا الحفل فرصة جيدة للتذكير بالدور الهام الذي تلعبه الجالية العربية والإسلامية في المجتمع الأمريكي.
تعايش رغم الاختلاف
يقول عمدة مدينة باترسون، آندري صايغ: "العام الماضي لم تتح لنا الفرصة للاحتفال بشهر رمضان، أتمنى لجميع من يخوضون هذه الرحلة الروحية السلام، ونأمل أيضاً أن يتمكنوا من قضاء بعض الوقت مع عائلاتهم وألا يكونوا وحدهم في هذا الشهر. بحسب تصريحات لقناة سكاي نيوز عربية.
وتضيف، عضو المجلس البلدي في المدينة، روبي كوتون: "أعتقد أن كل شخص يعيش في مدينة باترسون يعلن أننا نمثل الجميع وليس مجموعة عرقية واحدة، وأننا لكل السكان".
ومن الجدير بالذكر أن مدينة باترسون يتمركز فيها أكثر من 50 ألف عربي ومسلم، وتضم عدة جاليات وأقليات تسعى للانسجام والتعايش مع بعضها البعض رغم الفواق الموجودة بينها.
وتُعرف هذه المدينة بأسواق الحلال والبقالة العربية التي يأتي إليها الزبائن من ولايات أخرى.
محاولة لتنشيط حركة التجارة بعد تأثير كوفيد-19
وتحاول مدينة باترسون بشتى الطرق إعادة إحياء وتنشيط الحركة التجارية فيها بعد سنة قاسية بسبب وباء كورونا، وربما كان حفل تنصيب فانوس رمضان أحد وسائل الوصول لهذا الهدف.
وتستقبل الجالية العربية والإسلامية في نيوجيرسي شهر رمضان بالأمل في عودة الحياة الاقتصادية والأمنيات بانقضاء الوباء في أقرب وقت ممكن.
فانوس رمضان
واعتاد المسلمون جيل بعد جيل إنارة منازلهم وشوارعهم وإهداء أطفالهم الفوانيس خلال شهر رمضان المبارك، حتى أصبح الفانوس أيقونة رمضانية ورمزاً للاحتفال بالشهر الذي ينتظره المسلمون في العالم أجمع كل عام ويستعدون له بطقوس وتقاليد خاصة.
وتعود نشأة فانوس رمضان إلى مصر، وهناك أربع قصص تُروى عن بداية هذا التقليد، لكنها جميعاً دارت في عصر الدولة الفاطمية 909- 1171م.
القصة الأولى تتحدث عن تاريخ دخول المعز لدين الله الفاطمي القاهرة في منتصف القرن الرابع الهجري وبالتحديد في عام 358 هجرياً، حيث استقبله حشد على رأسه قائد الجيش جوهر الصقلي - الذي أرسله المعز لدين الله على رأس جيش للاستيلاء على مصر من العباسيين - بمصابيح تشبه الفوانيس الحالية، ووافق هذا الاستقبال منتصف شهر رمضان، ومنذ ذلك الوقت استمر استخدام الفوانيس للإنارة في رمضان.
القصة الثانية تقول إن الخليفة الفاطمي كان يستطلع هلال شهر رمضان، وخرج معه الأطفال في الشوارع حاملين فوانيس للإضاءة، فأصبح طقساً سنوياً.
والقصة الرابعة تقول إن النساء كان يسمح لهن بمغادرة منازلهن مساءً، فقط في شهر رمضان، وكان يخرج معهن غلمان يحملون فوانيس لتكون إشاره للرجال ليبتعدوا عن الطريق حتى لا يروا النساء.
وبشكل عام، فإن الروايات الأربع، تشير إلى أن ارتباط الفوانيس بشهر رمضان جاء بشكل عفوي، لكن التقليد استمر وأصبح الناس حتى يومنا هذا يعلقون الفوانيس في منازلهم وشوارعهم ويهدونها أطفالهم احتفالاً بقدوم شهر الصيام.
ويعود أصل كلمة فانوس إلى اللغة اليونانية، المتقة من كلمة "فناس" الإغريقية القديمة، والتي كانت تستخدم للدلالة على إحدى الأدوات المستخدمة في إضاءة الشوارع.