مدن أوروبية تفرض رسوماً على الزوار لمواجهة "السياحة المفرطة"

  • تاريخ النشر: منذ يومين
مقالات ذات صلة
لماذا تفرض مدن سياحية رسوماً على السياح؟
جزر فيرجن الأمريكية تفرض رسومًا على هذه الفئة من الزوار
هذه المدينة الأوروبية تعاني من السياحة المفرطة

تعد السياحة مصدر دخل حيوي للكثير من المدن الأوروبية، إلا أن الزيادة الكبيرة في أعداد الزوار أصبحت تُشكّل عبئاً على السكان المحليين، وتؤثر على جودة الحياة اليومية. من روما إلى دوبروفنيك، تعاني بعض المدن الشهيرة من آثار السياحة المفرطة، مما دفع العديد من الحكومات المحلية إلى تبني سياسات جديدة تهدف إلى تنظيم أعداد الزوار، وأحد أبرز هذه الحلول كان فرض رسوم دخول على السائحين.

المشاكل الناتجة عن السياحة المفرطة

مع تزايد أعداد الزوار في الوجهات السياحية الشهيرة، تعاني هذه المدن من مشكلات عديدة أبرزها:

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

  • الازدحام: يتسبب تدفق السائحين في اكتظاظ الأماكن العامة، مما يعرقل حركة السكان المحليين، ويزيد من الضغط على المرافق العامة.
  • تكدس النفايات: يؤدي ارتفاع أعداد الزوار إلى زيادة كميات القمامة التي تنتشر في الشوارع والحدائق، ما يتطلب جهوداً مضاعفة لتنظيف المدينة.
  • ارتفاع تكاليف المعيشة: تؤدي زيادة الطلب على الإقامة إلى ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات، مما يزيد من صعوبة العيش في هذه المناطق بالنسبة للسكان الأصليين.

إجراءات المدن الأوروبية للحد من السياحة المفرطة

فرض رسوم على دخول السائحين

كانت مدينة فينيسيا الإيطالية من أوائل المدن التي بدأت في تجربة فرض رسوم دخول تجريبية على الزائرين. وتهدف هذه الخطوة إلى تقليل أعداد السائحين الذين يتدفقون إلى المدينة خلال النهار، مع العلم أن التجربة حققت نتائج أولية إيجابية، ومن المتوقع أن تستمر فينيسيا في تطبيق هذا النظام بشكل رسمي في عام 2025.

توسيع نطاق التجربة في مدن أخرى

لم تتوقف مبادرة فرض الرسوم عند فينيسيا فقط؛ حيث أبدى عمدة إشبيلية عزمه فرض رسوم دخول على الزائرين للميدان المركزي "بلازا دي إسبانيا". وفي اليونان، تُخطط الحكومة لفرض رسوم على السفن السياحية التي تزور جزرها، وذلك لتخفيف الضغط على المناطق الساحلية والحفاظ على جودة الخدمات المقدمة للسكان والزوار.

تأثير الرسوم على السياحة والسكان المحليين

يأمل المسؤولون في أن تساهم هذه الرسوم في تهدئة المخاوف المتزايدة لدى السكان المحليين، الذين خرجوا في مظاهرات للاحتجاج على الآثار السلبية للسياحة المفرطة في عدة مدن إسبانية. وفي هذا السياق، يرى الباحث كريستيان لايسر، المتخصص في شؤون السياحة، أن جزءاً من الحل يكمن في توجيه العائدات المالية من الرسوم لدعم المشاريع المحلية وتطوير الخدمات التي تخدم السكان.

ويعتقد لايسر أن فرض الرسوم قد يسهم في تنظيم عدد الزوار؛ إلا أن ذلك يعتمد على قيمة الرسوم وآلية تطبيقها. ويوضح أن الزوار الذين يقضون الليل يدفعون ضرائب محلية ضمن تكلفة الإقامة، بينما لا يُفرض هذا على الزوار النهاريين، مما يُثير مطالب بإيجاد نظام عادل يشمل جميع السائحين.

حلول بديلة للسيطرة على السياحة المفرطة

نظام الحصص والحجوزات

يؤكد لايسر أن فرض نظام حصص، مثل تحديد سقف يومي لعدد الزوار، قد يكون من الحلول المناسبة. على سبيل المثال، يمكن السماح بدخول 30 ألف زائر فقط إلى فينيسيا يومياً، على أن يتم حجز الزيارة مسبقاً. هذا النظام يمكن أن يتيح للسائحين تجربة مريحة بعيداً عن الازدحام، ويساعد المدينة على الحفاظ على بنيتها التحتية.

تسعير مواقف السيارات لفترات قصيرة

يشير لايسر إلى مثال آخر يتمثل في تسعير مواقف السيارات بطريقة تشجع على الزيارات القصيرة. فعند رفع تكلفة الوقوف لفترات طويلة، قد يختار السائحون قضاء وقت أقل في المناطق السياحية، ما يساهم في تقليل الضغط.

جذور المشكلة: الاقتصاد التشاركي وشركات الطيران منخفضة التكلفة

يرى لايسر أن انتشار شركات الطيران منخفضة التكلفة وسهولة الوصول إلى خدمات الإقامة عبر الإنترنت، مثل Airbnb، أسهم في ارتفاع أعداد السائحين بشكل كبير. وقد شجع هذا على تحول الوحدات السكنية إلى أماكن إقامة سياحية، مما زاد من صعوبة الحياة اليومية للسكان المحليين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين الأعداد الكبيرة من السائحين.

مشاعر الاستياء بين السكان المحليين

أعاد جائحة كورونا بعض الاستقرار للمجتمعات المحلية، ولكن مع عودة السياحة، بدأت المشكلات السابقة في الظهور مجدداً. يشعر الكثير من السكان المحليين أن الفوائد الاقتصادية التي تحققها السياحة لا تصل إليهم بالشكل الكافي، بينما يتحملون هم تكاليف التدهور البيئي وارتفاع أسعار المعيشة.

آفاق المستقبل: نحو تنظيم أفضل للسياحة

يمكن للمجتمعات المحلية أن تشعر بقدر أكبر من الإنصاف في حال توجيه عائدات الرسوم لدعم المشاريع المحلية. ويؤكد لايسر أن نجاح هذه المبادرات يعتمد على توزيع العائدات بشكل مباشر على المجتمعات، بدلاً من إدخالها إلى خزينة المدينة.

تُعد الإجراءات الجديدة خطوة نحو تنظيم السياحة بشكل يحمي سكان المدن، ويحقق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والآثار الاجتماعية والبيئية للسياحة.