لماذا يرمي سكان أيسلندا طيور البفن من فوق المنحدرات؟
في آيسلندا، البلد المشهور بجمال طبيعته وتضاريسه البركانية، تبرز طيور البفن كأحد رموز الحياة البرية. هذه الطيور الصغيرة ذات الريش الأسود والأبيض والمنقار البرتقالي تقيم في أيسلندا خلال فصل الصيف لتربية صغارها، حيث تمتلئ السماء والسواحل بملايين منها. لكن هناك تقليداً غريباً يمارسه السكان في بعض المناطق، خاصة في جزر ويستمان، يتمثل في رمي صغار طيور البفن من المنحدرات فما السر وراء هذا التصرف؟
تشتهر أيسلندا بوجود ملايين طيور البفن السوداء والبيضاء الرائعة التي تعيش هناك، وتربي عائلاتها كل صيف، كما تشتهر ببراكينها وشلالاتها وأنهارها المتنوعة. حيث إنه كل شهر أبريل أو مايو يطير نحو 10 ملايين طائر بفن إلى أيسلندا من المحيط الأطلسي.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وبحسب موقع فودرز، فإنه بعد قضاء 8 أشهر في الصيد والعيش بالمحيط الأطلسي، تطير طيور البفن إلى أيسلندا كل ربيع، حيث تجد شريكها، وتنجب صغارها وتلتقي طيور البفن بنفس الشريك.
وفي بداية الصيف تقوم طيور البفن بوضع بيضة واحدة، ثم يتناوب الوالدان على رعاية الصغير. وبعد الفقس، تطير الطيور البالغة إلى البحر بشكل يومي لجمع الأسماك الصغيرة لإطعام الفراخ التي تبقى في العش حتى تصبح قوية بما يكفي للطيران نحو البحر.
مع حلول نهاية الصيف، تبدأ بعض الصغار في مغادرة أعشاشها لتطير نحو البحر للمرة الأولى. وهنا تواجه بعض طيور البفن الصغيرة تحديات في إيجاد طريقها الصحيح. بسبب الأضواء الساطعة للمدن الساحلية على جزر ويستمان، قد تنجذب هذه الفراخ نحو اليابسة بدلاً من البحر، ما يعرضها للخطر.
في محاولة لإنقاذ هذه الطيور الضائعة، يقوم السكان المحليون في جزر ويستمان بمساعدة الفراخ التي اتجهت خطأً إلى الشوارع أو المنازل. حيث يصبح الأطفال والعائلات جزءًا من تقاليد سنوية تُعرف بـ"رمي طيور البفن"، حيث يجمعون الطيور الصغيرة في صناديق خلال الليل، ثم يأخذونها في الصباح التالي إلى المنحدرات العالية المطلة على البحر.
هناك يقومون برمي الطيور الصغيرة بلطف من فوق المنحدر لمنحها فرصة لفتح أجنحتها والتحليق نحو المياه بأمان. هذا التقليد ليس مجرد طقس محلي، بل هو تدخل بيئي مهم لإنقاذ أعداد كبيرة من الفراخ ومنحها فرصة للبقاء.
رمي طيور البفن أصبح جزءًا من الوعي البيئي والثقافة الأيسلندية، حيث تشرك العائلات أطفالها في هذا النشاط ليعلموهم أهمية الحفاظ على الحياة البرية ومساعدة الحيوانات المحتاجة. في الوقت نفسه يشير الخبراء إلى أهمية هذا التدخل، لا سيما في ظل التغيرات المناخية التي تهدد سلاسل الغذاء البحرية، وتؤثر على حياة طيور البفن.
ويمكن العثور على طيور البفن في الكثير من المناطق في أيسلندا، ولكن الكثير منها ينتهي بها المطاف في جزر ويستمان أو فيستمانايار، إذ يقيم 4500 شخص فقط. وبينما يزدهر العديد من طيور البفن بمفردها، فإن بعضها يضل طريقه، ويحتاج إلى مساعدة من السكان المحليين؛ ولهذا السبب أصبح رمي طيور البفن تقليدًا في جزر ويستمان.
وهذا التقليد بدأ بعام 2003، ويسمى برنامج دورية البفن. هذا النشاط مهم؛ لأنه على الرغم من وجود طيور البفن أكثر بكثير بأيسلندا من البشر، فإن إجمالي عدد السكان العالمي في انحدار، وقد تدرج حالة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) الطيور على أنها عرضة للخطر.