كيف يصلي رواد الفضاء خارج الأرض؟
عندما يسافر رواد الفضاء إلى ما وراء الغلاف الجوي للأرض، فإنهم يواجهون تحديات جسدية وتقنية لا حصر لها، لكن أحد الجوانب الأقل نقاشًا هو كيفية أداء العبادات الدينية في بيئة منعدمة الجاذبية مثل محطة الفضاء الدولية (ISS). فالصلاة، التي تتطلب حركات محددة مثل الركوع والسجود، تصبح مهمة صعبة عندما لا يكون هناك "أعلى" أو "أسفل" كما هو الحال على الأرض.
ومع ذلك، تمكن العلماء والفقهاء من تطوير حلول مبتكرة لضمان قدرة رواد الفضاء المسلمين على أداء عباداتهم بما يتناسب مع ظروف الفضاء الفريدة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تحديد اتجاه القبلة في الفضاء: تحدٍ فريد من نوعه
تحديد اتجاه القبلة هو أحد التحديات الأساسية التي تواجه رائد الفضاء المسلم، حيث إن الأرض تدور باستمرار، ومحطة الفضاء الدولية تتحرك بسرعة 28,000 كيلومتر في الساعة، ما يعني أن موقعها يتغير كل دقيقة. ولحل هذه المشكلة، اتفق العلماء على أن الرائد يمكنه تحديد اتجاه القبلة بأي شكل معقول، مثل التوجه نحو الأرض نفسها أو تحديد اتجاه مكة في اللحظة التي يبدأ فيها الصلاة، دون الحاجة إلى التعديل المستمر للاتجاه خلال الصلاة. وقد أصدرت وكالة الفضاء الماليزية إرشادات خاصة لهذه الحالات، حيث يُسمح لرائد الفضاء بالتوجه نحو أي جهة يعتقد أنها الأقرب للقبلة.
أداء الحركات في ظل انعدام الجاذبية
الصلاة على الأرض تعتمد على حركات مثل الركوع والسجود، ولكن في الفضاء، حيث لا توجد جاذبية لتثبيت الجسم على الأرض، يصبح أداء هذه الحركات صعبًا للغاية. لهذا السبب، يُسمح لرواد الفضاء بأداء الصلاة وفق الإمكانات المتاحة، إما باستخدام أحزمة تثبيت لإبقاء الجسم مستقرًا، أو الاكتفاء بالإيماء بالرأس بدلاً من الحركات الكاملة.
وبالنسبة لوضعية الوقوف، يمكن لرائد الفضاء أن يصلي وهو جالس أو مربوط في مكانه إذا كان الوقوف مستحيلًا. هذه التسهيلات تأتي من مبدأ التيسير في الشريعة الإسلامية، الذي يسمح بتخفيف الأحكام وفقًا للظروف الخاصة.
مواقيت الصلاة والصيام في الفضاء
في الفضاء، يدور رواد الفضاء حول الأرض 16 مرة يوميًا، ما يعني أنهم يشهدون 16 شروقًا وغروبًا خلال 24 ساعة، مما يجعل حساب أوقات الصلاة والصيام تحديًا آخر. ولحل هذه المشكلة، يتم اعتماد توقيت أقرب مدينة أرضية إلى موقع الإطلاق، مثل توقيت مركز كينيدي للفضاء في الولايات المتحدة أو توقيت مكة المكرمة. أما بالنسبة للصيام في رمضان، فإن الفقهاء أجازوا إمكانية تأجيل الصيام إلى ما بعد العودة إلى الأرض، حيث يكون من الصعب الالتزام بتوقيت الفجر والمغرب وسط تغييرات مستمرة في الدورة الزمنية داخل الفضاء.
على الرغم من التحديات التي تواجه رواد الفضاء أثناء أداء العبادات الإسلامية، إلا أن الحلول المرنة والتكيف مع الظروف تجعل من الممكن الحفاظ على الشعائر الدينية حتى في أقصى البيئات تطرفًا. فالصلاة، التي تربط الإنسان بخالقه، تبقى ممكنة سواء على الأرض أو في الفضاء، مما يعكس مدى شمولية الدين وقدرته على التكيف مع مختلف الظروف. ورغم انعدام الجاذبية، تظل الروح متصلة بالسماء في كل مكان، حتى خارج كوكب الأرض.