كيف يتم تقييم الأرقام بموسوعة جينيس؟
موسوعة غينيس للأرقام القياسية تعد واحدة من أشهر الموسوعات العالمية، وتُعرف بتوثيقها للإنجازات غير العادية في مختلف المجالات. يسعى الأفراد والمنظمات من جميع أنحاء العالم إلى تسجيل أرقامهم القياسية في هذه الموسوعة الشهيرة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يتم تقييم هذه الأرقام؟ في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل المعايير والإجراءات المتبعة في تقييم الأرقام بموسوعة غينيس، بدءًا من معايير القبول، إلى كيفية تقديم الأدلة والتوثيق، وصولًا إلى عمليات المراجعة والتحكيم.
معايير القبول: ما يجب أن يتوافر في الرقم القياسي
أول خطوة لتسجيل رقم قياسي في موسوعة غينيس هي التأكد من أن المحاولة المقترحة تتوافق مع معايير القبول. هناك عدة شروط أساسية يجب أن تتوافر في أي محاولة رقم قياسي ليتم قبولها للنظر فيها. أولًا، يجب أن يكون الإنجاز قابلًا للقياس والتحقق. بمعنى آخر، يجب أن يكون الرقم القياسي واضحًا ويمكن تحديده بوحدة قياس محددة مثل الوقت، الوزن، الطول، أو العدد.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ثانيًا، يجب أن يكون الإنجاز قابلاً للكسر، أي يمكن لشخص آخر أو مجموعة في المستقبل محاولة كسره. وهذا يعني أن الرقم القياسي لا يمكن أن يكون فريدًا أو غير قابل للتكرار. على سبيل المثال، لا يمكن تسجيل رقم قياسي لشيء مثل "أكبر صخرة طبيعية" لأنه لا يمكن لأحد آخر أن ينشئ صخرة طبيعية أكبر.
ثالثًا، يجب أن يكون الإنجاز موحدًا. بمعنى أنه يجب أن يخضع لنفس المعايير في جميع أنحاء العالم. لا يمكن أن تكون هناك اختلافات في القواعد أو الإجراءات من بلد إلى آخر عند تقييم الأرقام القياسية. يجب أن تكون المعايير شاملة وعادلة لجميع المشاركين.
بعد التأكد من أن الرقم المقترح يتوافق مع معايير القبول، تأتي الخطوة التالية وهي تقديم الأدلة والتوثيق. في حال نجاح المحاولة أو رغبة صاحبها في تقديمها للموسوعة، يجب تقديم مجموعة من الأدلة لإثبات صحة الرقم القياسي. هذه الأدلة تشمل الفيديوهات، الصور، الشهادات من الشهود المعتمدين، والتقارير الرسمية. يوصى بشدة أن تكون الأدلة واضحة وموثوقة، حيث تعتمد عليها اللجنة في التأكد من أن الرقم تم تحقيقه بنزاهة ودقة.
واحدة من المتطلبات المهمة هي وجود شهود مستقلين، حيث يجب أن يكون هناك شهود عيان على المحاولة. هؤلاء الشهود يجب أن يكونوا خبراء في المجال أو لديهم مصداقية كافية لضمان أن المحاولة تمت وفقًا للقواعد والمعايير. غالبًا ما يتطلب غينيس أن يكون هناك اثنان على الأقل من الشهود المستقلين لكل محاولة. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر وجود محكمين رسميين من موسوعة غينيس للإشراف على المحاولة، خاصة إذا كان الإنجاز يتطلب تقنيات أو معايير معقدة.
بعد تقديم جميع الأدلة والتوثيقات، تبدأ عملية المراجعة والتحكيم. يقوم فريق مختص من موسوعة غينيس بفحص جميع المستندات والمواد المقدمة بعناية للتأكد من أن المحاولة تم تحقيقها بنجاح وبموجب المعايير المحددة. قد تأخذ هذه العملية عدة أسابيع أو حتى أشهر حسب تعقيد المحاولة وحجم الأدلة المطلوبة.
يُعتبر التحكيم من أهم المراحل، حيث تتطلب بعض الأرقام القياسية خبرة فنية متقدمة للتأكد من أن المحاولة تم تنفيذها بشكل صحيح. في بعض الحالات، قد يتم طلب المزيد من الأدلة أو إعادة تقييم بعض الجوانب قبل اتخاذ القرار النهائي. يُرسل بعد ذلك القرار إلى الشخص أو المنظمة المعنية، سواءً بالموافقة على الرقم القياسي أو رفضه مع توضيح الأسباب.
إذا تم قبول المحاولة، يحصل صاحبها على شهادة غينيس الرسمية، التي تعتبر بمثابة إثبات معترف به عالميًا على تحقيق الرقم القياسي. في حال الرفض، يمكن للشخص إعادة المحاولة مع تحسين جوانب معينة أو تقديم أدلة إضافية لتحسين فرص النجاح.
تسجيل رقم قياسي في موسوعة غينيس ليس بالأمر السهل. فهو يتطلب اتباع معايير صارمة وتقديم أدلة موثوقة وشاملة، بالإضافة إلى مراجعة دقيقة من قبل فريق التحكيم. لكن في النهاية، النجاح في تحقيق رقم قياسي يعد إنجازًا عالميًا يستحق الجهد، ويضمن لصاحبه مكانة في واحدة من أشهر الموسوعات في العالم.