كوبا تتخلى عن واحدة من عملتيها: لماذا؟ وما التأثير على السكان؟

  • تاريخ النشر: الأحد، 13 ديسمبر 2020
مقالات ذات صلة
لهذه الأسباب ستتمنى زيارة كوبا ولو مرة واحدة
ما هي أكبر قارة بالعالم من حيث السكان؟
كيف تتسبب السياحة المفرطة في ازعاج السكان؟

حالة من القلق تتملك الكثيرين من سكان كوبا، التي قررت الاعتماد على تداول عملة موحدة اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل، بعد 26 عاماً من الاعتماد على عملتين محليتين، ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لإنقاذ الاقتصاد وسد الفجوة الواسعة بين مستخدمي كل عملة، هناك مخاوف لدى المواطنين من ارتفاع الأسعار ونقص السلع.

ومن المتوقع أن القرار الذي وُصف بأنه إصلاحاً ونُشر في 165 صفحة من الجريدة الرسمية، سيؤدي إلى ارتفاع الحد الأدنى للأجور خمس مرات، وسعر الخبز عشرين مرة، وهو الأمر الذي جعل السكان يشعرون بالدوار.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

الـ"كوب" و"الكوك"

ولعقود من الزمان ،اعتمدت كوبا على البيزوس المحلي أو البيزوس الكوبي CUP، وفي العالم 1994 أدخلت عملة أخرى رسمية وهي البيزوس الكوبي المتحول CUC، بهدف إسعاف الاقتصاد والمتضرر والضعيف.

وكان هدف كوبا من إدخال الـ"كوك" إيجاد هافانا مدخلاً للعملات الأجنبية خصوصاً الدولار، وخُصص الـ"كوك" للاستخدام من قبل السياح ولشراء العقارات والممتلكات الفخمة، لكنه سريعاً انتشر في كل مكان.

وعلى الرغم من تحقيق الهدف المنشود من الكوك، إلا أنه تسبب في شرخ كبير في المجتمع الكوبي نفسه، ذلك لأن الـ"كوك" الواحد يساوي 25 "كوب" في بلد يتقاضى فيه كثيرون رواتبهم بالـ"كوب" الأضعف.

فعاملو الدولة والأطباء وكل موظفي القطاعات الحكومية يكسبون رواتبهم بالـ"كوب" الضعيف، بينما يكسب سائقو سيارات الأجرة مثلاً يومياتهم بالبيزوس الكوبي المتحول الـ"كوك". ويشبه الأمر إلى حد ما الوضع الحالي في لبنان، ليرة متداعية مقابل الدولار.

بعض السكان متفائلون

في شوارع هافانا، تتشكل طوابير طويلة أمام متاجر السوبر ماركت، إذ يتفاقم النقص خلال الأشهر الأخيرة، ورغم ذلك، يريد آخرون أن يكونوا أكثر تفاؤلاً، إذ يؤكد روبرتو بيريوت، وهو متقاعد يبلغ من العمر 77 عاماً: "الدولة ستعلم كيف ستبيع البضائع حتى نتمكن نحن الفقراء من العيش".

في الوقت نفسه، تقول ليوريس كوستا، وهي طالبة كيمياء حيوية تبلغ من العمر 20 عاماً: "بلدنا يحتاج إلى تغيير وليس هناك طريقة أفضل من الاقتصاد للبدء به، فهو مجال مهم للغاية يمكن أن يوفر أساس أكثر استقراراً لمزيد من التطور".

وهو الأمر ذاته الذي تهدف إليه الحكومة الشيوعية، فهي تريد من دمج عملتين محليتين جعل اقتصاد الجزيرة أكثر وضوحاً وجاذبية للمستثمرين الأجانب.

لماذا تقدم كوبا على هذه الخطوة؟

تشديد العقوبات الأمريكية وتداعيات وباء كوفيد-19 الاقتصاية، جعل كوبا في حاج ماسة إلى الأموال الأجنبية أكثر من أي وقت مضى.

يقول ريكاردو توريس، الخبير الاقتصادي في جامعة هافانا "هذا التحول سيجعل من الممكن وضع كوبا بشكل أكثر وضوحاً على الساحة الدولية وجعل أرقامنا أكثر قابلية للمقارنة بأرقام البلدان الأخرى، وبالطبع سيسهم الأمر في وصول المستثمرين".

واعتباراً من أول يناير/ كانون الثاني، سيبدأ سحب البيزو القابل للتحويل "كوك" الذي يتساوى مع الدولار من التداول، ليبقى فقط البيزو الكوبي "كوب" الذي تقل قيمته عن "كوك" 24 مرة.

اضطراب منتظر

ويشير بافيل فيدال، وهو خبير اقتصادي كوبي في جامعة خافريانا دي كالي كولومبيا، إلى أن فترة من الاضطراب ستواجه البلاد، قائلاً: "ستكون هناك أشهر عدة من عدم الاستقرار النقدي والمالي حتى تبدأ الأسعار الاقتراب من مستوى التوازن".

وفي محاولة لاحتواء التضخم الحاد الذي يتوقعه الخبراء، قامت الحكومة بتفصيل الأسعار التي ستطبق على عشرات المنتجات مثل الأرز والفاصوليا والحليب والوقود.

فعلى سبيل المثال، سيرتفع السعر الفعلي للخبز اليومي الذي يبلغ وزنه 80 غراماً بمقدار 20 مرة، لكنه سيبقى منخفضاً يباع مقابل بيزو واحد، يعادل 4 سنتات من الدولار، كما سترتفع تكلفة خدمات المياه والغاز والكهرباء والنقل.

كذلك سيرتفع الحد الأدنى للأجور إلى 2100 بيزو، 87 دولاراً، بزيادة مقدارها 525%.

شر لا بد منه

وبشكل مبدئي، ستبقى العملة الكوبية عند السعر الثابت البالغ 24 بيزو لكل دولار، منعاً من انهيار العملة المحلية مقابل العملة الخضراء التي أعيد التداول بها أخيراً في الجزيرة، بعد فتح متاجر للأجهزة المنزلية والمطاعم حيث لا يمكن الدفع إلا بهذه العملة.

لكن في السوق السوداء، فإن الدولار الذي لا يمكن العثور عليه المصارف الكوبية ومراكز الصرافة، تحلق قيمته منذ أشهر.

يوضح ريكاردو توريس: "مع أزمة بهذا الحجم، قد تعتبر العملات الأجنبية ملاذاً آمناً، لأن قيمتها مضمونة وتوفر الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية، فمثلاً متاجر السوبر ماركت الكبيرة التي تتداول بالعملة الأجنبية تحصل على منتجات أفضل كثيراً من التي تتداول بالعملة المحلية.

ويتفق جميع الاقتصاديين مع فكرة أن هذا الاصلاح شر لا بد منه، حيث يوضح جون كافوليتش، رئيس المجلس الاقتصادي والتجاري الأمريكي الكوبي قائلاً: "حتى لو أنه لا مفر من معاناة السكان، فإن نتيجة الإصلاح يجب أن تيعد إحياء الاهتمام التجاري بالسوق الكوبية"، بحسب موقع يورو نيوز.