شواطئ تلمسان لؤلؤةُ الجزائر
تلمسان أو "تالا" كما أطلق عليها البربر (الأمازيغ)، والتي تعني الينبوع، تقع شمال غرب الجزائر، كان البربر هم من أسس مملكة تلمسان التي امتدّت من نهر الملويّة غرباً إلى منعطف نهر الشّلف شرقاً، ثم حُكمت تلمسان من قبل الرّومان عام 670م، بعدها حكمتها الأسرة الزيانية منذ بداية القرن الثامن الميلادي التي عُرف منها أبو قرّة مؤسس الأسرة الزيانية، كذلك شهدت تلمسان تبدل الممالك على أرضها حيث حكمها المرابطون ثم الموحدون، إذ أن إشرافها على البحر الأبيض المتوسط بشواطئٍ طويلةٍ منحها أهميةً استراتيجيةً كبيرةً، بالإضافة إلى الأهمية السّياحية التي تتمتع بها هذه الشّواطئ، فأين تقع أهم شواطئ تلمسان؟ وبماذا تشتهر؟ وما هي المشاكل التي يعاني منها الناس في هذه الشواطئ؟، ما سنجيب عنه في هذا المقال.
أهم وأشهر الشواطئ في تلمسان
إن الشواطئ في تلمسان تتحدث بلغة الطبيعة المحضة، إذ تجمع الهضاب والرمال والمياه، والمرتفعات الخضراء في مشهدٍ واحدٍ، لكن ما ينقصها هو مزيدٌ من الدعم الحكومي حتى تستقطب عدداً كبيراً من المصطافين، وأهم شواطئ تلمسان هي:
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
شاطئ مرسى بن مهيدي (Marsa Ben MHidi)
بطول 1200م على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يمتد شاطئ مرسي بن مهيدي أو كما يعرف باسم "بورساي" الذي يقع في أقصى شمال غرب تلمسان، هناك ترى تناسق الطبيعة بين السماء والبحر كما الهضاب الخضراء والرّمال والصخور التي نحتها الموج فشكلت لوحةً جميلة في مياه البحر، كما تستطيع أن تتحرك هناك كيفما تشاء لأن الأمن مستتب بفضل عناصر أمن الشاطئ الموجودين بشكل دائم ذلك ما قاله محافظ شرطة دائرة أمن مرسى بن مهيدي، وذلك في التقرير الذي أعده تلفزيون البلاد الجزائري.
إلا أن التناقض سيد الموقف في "بورساي" فجمال الطبيعة واستتاب الأمن يقابله نقص واضح في الخدمات إضافة إلى ارتفاع الأسعار، مما يجبرك على التفكير مليّاً قبل أن تتخذ قرارك بالقدوم إلى الشاطئ "هذا ما قاله مصطافون على شاطئ بورساي لتلفزيون البلاد الجزائري"، و إن كان الدخول مجانيّاً إلى "بورساي" والدفع فقط في مرآب السيّارات خارج الشّاطئ كما قال المدير المسؤول عن تنظيم شؤون الشاطئ، بيد أن الأسعار المرتفعة تبقى المشكلة التي تحرم الكثير من العائلات الجزائرية من القدوم إلى "بورساي" لأنها غير قادرة على تحمل تكاليف الاصطياف.
في حين قال المدير المسؤول عن الشاطئ لتلفزيون البلد الجزائري: "إن الحكومة تدعم السياحة في "بورساي" كما أن وزارة الدّاخلية تقدم الأموال لتحسين الخدمات في الشاطئ"، لكنّ كلام مشرف إحدى الجمعيات المحلية في بلدية مرسي بن مهيدي ذكر عكس ما قاله المسؤول، إذ بيّن في لقاء معه فضائية البلاد الجزائرية: "إننا نجري عمليات الغوص أمام شاطئ "بورساي "لتنظيف الأوساخ التي يرميها الناس في الماء كما أننا لا نتلقى أيّ دعمٍ من الحكومة، والنّاس يستمرون برمي الأوساخ غير مكترثين بما نبذل من جهدٍ.
والملاحظ في شاطئ بورساي أن عدد المصطافين غير ثابتٍ، لارتباط قدومهم بالخدمات التي تقدم في الشاطئ فانخفاضها يعني انخفاض عدد السياح، ما يثبت ذلك أن عدد السياح في عام 2014 كان أكثر منه في عام 2013، وفي عام 2015 وصل عدد المصطافين إلى 8 ملايين، وهو أكثر من عدد المصطافين في عام 2104 بمليون مصطاف، ذلك بحسب إحصائياتٍ قدمها تلفزيون البلاد الجزائري، لكن "بورساي" يحتاج إلى استثمارات قوية لتلبية احتياجات المصطافين بشكل أفضل، لأن هذا الشّاطئ أكثر الأماكن استقطاباً للسيّاح.
ومن الشّواطئ الأخرى الموجودة في مدينة مرسى بومهيدي، شاطئي "مسكاردة1" و "مسكاردة2 "وإن كانا أقل شهرة من شاطئ "بورساي"، لكن من يزور "بورساي" لابد أن يمر على شاطئي موسكاردة 1 وموسكاردة 2؛ للتّمتع بمنظر المرتفعات الخضراء التي تشكل مع البحر منظراً طبيعياً جميلاً، كما أن السباحة متاحة في "بورساي" و "موسكاردة1و2".
شاطئ سيدي يوشع (Sedi Joshua)، وجهة للجزائريين وتاريخٌ عريق
"تتنشق نسائم البحر الممزوجة بعراقة التّاريخ"، هذا توصيف الناس لشاطئ "سيدي يوشع" الذي يقع في ولاية دار يغمراسن، و يبعد بمسافة 70 كم عن مدينة تلمسان، عندما يتحدث الناس عن شاطئ "سيدي يوشع" تقترن أحاديثهم بقصص الأنبياء مثلما كان حديثهم لقناة "الشروق News" الجزائرية في التقرير الذي أعدته عن شاطئ "سيدي يوشع" لأن أحد الاعتقادات السائدة أن أكثر الأنبياء مرّوا من منطقة شاطئ "سيدي يوشع"، كما أن الشاطئ أخذ اسمه نسبةً إلى يوشع بن النون الذي أرسله النبي موسى إلى هذه المنطقة.
يستقطب هذا الشاطئ العائلات التلمسانية، لهدوئه وتمتعه بمناظرٍ خلّابة، كما أن الأسعار في شاطئ "سيدي يوشع" أقلّ ارتفاعاً من أسعار "بورساي" الذي يفوقه شهرةً، لكن "سيدي يوشع" يماثله باستتباب الأمن وسحر الطبيعة، والناس يقصدون هذا الشّاطئ؛ لأنه جيدٌ للسباحة ونظيفٌ نسبيّاً.
الغزوات (Alghazwat) مدينةٌ ساحلية بلا شاطئ
الغزوات مدينةٌ ساحليةٌ تتمتع بطبيعةٍ خلابة لكنها بلا شاطئ، فكل شيءٍ متوفرٌ لتهيئة شاطئ يجذب السيّاح ويوفر على أهالي المدينة قطع عشرات الكيلو مترات للاصطياف في شواطئ أخرى؛ أكثر المشاكل التي اشتكى منها الناس فيما يخص ميناء الغزوات، بالإضافة إلى عبارة "ممنوع السباحة هنا" التي تثير غضب الناس واستياءهم، قال رئيس بلدية الغزوات "أحمد صالح" لقناة "الشروق TV الجزائرية" في التقرير الذي أعدته عن مدينة الغزوات: "على مديرية السياحة أن تقدم لنا الدعم وتساعدنا كي نعيد تهيئ شواطئاً سياحياً"، إذ أن السياح من خارج الجزائر يأتون للاستراحة والاسترخاء في مدينة الغزوات ولمشاهدة ساحل المدينة.
تافوست (Tafost) أفضل شواطئ مدينة هنين
إن شاطئ "تافوست" التابع لبلدية هنين شمال تلمسان وجهةٌ سياحيةٌ يقصدها الناس للاسترخاء، والتمتع بالسكينة والهدوء، كما أن مخيمات الشاطئ تتوافر فيها خدماتٌ جيدةٌ، حيث تدعم بعض الجمعيات المخيمات الموجودة على الشاطئ، وتساعد في تأمين الخدمات، خاصة عندما أُتيحت السباحة في الشاطئ منذ عام 2014، بعد أن مُنعت مدةً طويلةً، فأصبح شاطئ "تافوست" من أهمّ الشواطئ التي يقصدها الناس من داخل الجزائر وخارجها.
أخيراً... إن مدينة تلمسان التي يعود تاريخ تأسيسها إلى زمن البرابرة، تتمتع بمواقعٍ سياحيةٍ جميلةٍ، وطبيعةٍ خلابةٍ في شواطئها التي تشمل "بورساي" و"سيدي يوشع" و "تافوست"، لكن هذه الأماكن لم تحصل على الدعم اللازم لجذب السياح، فأهم شواطئها "بورساي" يعاني من نقص الخدمات وارتفاع الأسعار؛ ما يؤدي إلى انخفاض عدد المصطافين، ما تحتاجه شواطئ تلمسان ليس أشجاراً وهضاباً خضراء، أو زرقةً صافية لمياه البحر وصخوراً ترتفع وسط المياه لتصنع إطلالةً جذابةً، فكل ذلك موجودٌ بصنعٍ إلهي في شواطئ تلمسان، لكن ذلك يحتاج إلى قوة في الاستثمار ودعم واهتمام مميز في تأمين كافة الخدمات لتكتمل الصور الجميلة وتتناغم الطبيعة مع صنع الإنسان لتقديم الأفضل.