شتاء الإسكندرية.. دليلك الكامل لاستكشاف عروس البحر المتوسط

  • تاريخ النشر: الأحد، 10 نوفمبر 2024
مقالات ذات صلة
الإسكندرية.. عروس البحر المتوسط وأبرز معالمها التاريخية
أفضل جزر البحر الأبيض المتوسط لاستكشافها
الإسكندرية: جولة في عروس البحر المتوسط ومعالمها التاريخية

عندما يتبادر إلى الأذهان اسم الإسكندرية، ترتسم أمامنا صورة مدينة ذات أجواء صيفية بامتياز، حيث تزدحم الشواطئ، ويغمر الناس الكورنيش للاستمتاع بنسيم البحر وصخب الصيف. إلا أن فصل الشتاء في الإسكندرية يحمل سحرًا مختلفًا لا يقل جمالاً عن موسمها الحار، بل يمنح المدينة رونقًا خاصًا يضفي عليها طابعًا هادئًا ومريحًا، يتناسب مع عشاق الرحلات الشتوية والباحثين عن تجربة سياحية هادئة وثقافية مميزة. الإسكندرية في الشتاء تُعتبر جنة لعشاق التاريخ والثقافة، حيث يتسنى لهم استكشاف معالم المدينة الغنية كقلعة قايتباي ومكتبة الإسكندرية في أجواء هادئة دون زحام.

كما أن الشتاء يكشف عن جانب آخر من الإسكندرية، وهو الجانب الثقافي والتراثي، حيث تستضيف المدينة العديد من الفعاليات والمعارض الفنية التي تعكس تراثها العريق وتاريخها الممتد من العصور اليونانية والرومانية إلى الحضارة الإسلامية.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

إلى جانب ذلك، تتنوع الأنشطة التي يمكن القيام بها في الإسكندرية خلال فصل الشتاء في هذا المقال، نقدم لك دليلاً شاملاً لاستكشاف الإسكندرية في فصل الشتاء بعيدًا عن صخب الصيف، ونستعرض أفضل الأماكن والمعالم التي تستحق الزيارة.

عمود بومبي: نصب تذكاري لدقلديانوس

يُعد عمود بومبي واحدًا من أهم المعالم الأثرية البارزة في مدينة الإسكندرية، بل هو من أشهر الآثار الرومانية المتبقية في مصر. يقع هذا النصب الشامخ على تلة "كوم الشقافة" غرب المدينة، ويُعتبر من أطول الأعمدة الرومانية القديمة في العالم، حيث يصل ارتفاعه إلى حوالي 26.85 مترًا، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي.

رغم تسميته بعمود بومبي، إلا أنه لا يرتبط مباشرة بالجنرال الروماني بومبيوس كما قد يُعتقد. بل يعود بناؤه إلى الإمبراطور الروماني دقلديانوس تكريمًا له، إذ أقامه سكّان الإسكندرية بعد نجاحه في رفع الحصار عن المدينة، وتقديرًا لقيامه بتقديم القمح لسكانها أثناء أزمة مجاعة حلت بالمدينة.

العمود مصنوع من حجر الجرانيت الأحمر الذي تم جلبه من أسوان، ويُعد من التحف الهندسية الرومانية في ذلك الوقت. يستند العمود على قاعدة قوية، وتحيط به بقايا تماثيل رومانية ومصرية، ما يجسد تأثر الإسكندرية بالثقافات والحضارات المتعاقبة.

مكتبة الإسكندرية

تُعد مكتبة الإسكندرية الجديدة، التي افتُتحت عام 2002، واحدة من أبرز المراكز الثقافية في العالم العربي، وأيقونة تراثية في مدينة الإسكندرية. بُنيت المكتبة لإحياء ذكرى المكتبة القديمة التي كانت منارة للفكر والثقافة خلال العصور القديمة، وتستمر اليوم في مسيرتها بتقديم مساحة واسعة للمعرفة وتبادل العلوم والفنون.

تقع المكتبة الجديدة على الكورنيش بالقرب من موقع المكتبة القديمة، وتتميز بتصميم معماري فريد مستوحى من الشمس الساطعة؛ فهي تأخذ شكل قرص مائل يرمز إلى شعاع نور المعرفة. الجدار الخارجي للمكتبة مزين بنقوش تتضمن حروفًا ونقوشًا من لغات مختلفة، مما يعكس طابعها العالمي وتعددية الثقافات التي تحتضنها.

تمتد المكتبة على مساحة هائلة تتضمن عدة أقسام وميزات فريدة، منها مكتبة رئيسية تحتوي على ملايين الكتب بلغات متنوعة، ومكتبات متخصصة للأطفال والشباب، ومركز للخطوط والوثائق النادرة، إضافة إلى مجموعة من المعارض الفنية الدائمة، وقاعات متعددة للأبحاث والمؤتمرات والمحاضرات، والتي تستضيف فعاليات محلية وعالمية.

تضم المكتبة أيضًا متاحف متعددة، منها متحف الآثار الذي يعرض قطعًا تعود للعصور الفرعونية واليونانية والرومانية، ومتحف المخطوطات الذي يحتوي على مجموعات نادرة. كما تُعد قبة بلانيتاريوم المتخصصة بالعلوم الفلكية من المعالم التي تضفي طابعًا تعليميًا ممتعًا للزوار من مختلف الأعمار.

قصر المنتزه

يقع قصر المنتزه في مدينة الإسكندرية، ويُعتبر من أرقى المعالم التاريخية والسياحية في مصر. يتميز القصر بموقعه الفريد على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وسط حدائق خضراء شاسعة تتجاوز مساحتها 370 فدانًا، مما يجعله وجهة ساحرة تجذب الزوار للاستمتاع بجمال الطبيعة والأجواء الملكية التي تحيط به.

بُني القصر في نهاية القرن التاسع عشر بأمر من الخديوي عباس حلمي الثاني ليكون مقرًا صيفيًا للعائلة المالكة. وقد استوحي تصميم القصر من طراز العمارة الإيطالية والتركية، مما أضفى عليه طابعًا فريدًا يجمع بين الأناقة الكلاسيكية والتفاصيل الشرقية، ويتجلى هذا المزيج بوضوح في برج الساعة الطويل والمنحوتات الزخرفية التي تزين واجهته.

يتكون القصر من عدة مبانٍ، أهمها قصر السلاملك، الذي كان مخصصًا للرجال، وقصر الحرملك الذي كان مخصصًا للنساء، إضافةً إلى قصور صغيرة أخرى ومسجد خاص بالعائلة. كما تحتوي الحديقة على مجموعة من المسابح الملكية والمقاهي الفاخرة، ومسارات تنزه تطل على البحر مباشرةً، مما يتيح للزوار فرصة استثنائية للاستمتاع بإطلالات بحرية خلابة وأجواء هادئة.

اليوم، يُعتبر قصر المنتزه واحة تجمع بين التاريخ والجمال الطبيعي، حيث يستقبل الزوار من جميع أنحاء العالم، الذين يأتون لاستكشاف هذا الصرح الملكي والاستمتاع بجولاته ومعماره المميز. ويمكن للزائرين أيضًا الاسترخاء في حدائقه، أو التمتع بنشاطات متنوعة كالمشي وركوب الدراجات، إضافة إلى التقاط صور تذكارية بين زهور الحدائق وأشجار النخيل.

قلعة قايتباي

تُعد قلعة قايتباي في الإسكندرية إحدى أقدم وأبرز القلاع التاريخية في مصر ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تجسد بأسلوبها المهيب وقوة بنائها عظمة العمارة المملوكية الدفاعية. بُنيت القلعة في عام 1477م بأمر من السلطان المملوكي الأشرف أبو النصر قايتباي، على أنقاض منارة الإسكندرية القديمة التي كانت واحدة من عجائب الدنيا السبع قبل أن تدمرها الزلازل في القرن الرابع عشر.

تتألف القلعة من ثلاثة طوابق، ويتوسطها برج رئيسي مربع الشكل يعلوه العلم المصري، ويضم البرج عدة غرف وأروقة كان يستخدمها الجنود المملوكيون للدفاع ومراقبة البحر. وقد زُوِّدت القلعة بفتحات دفاعية لرمي السهام والرصاص وصب الزيت المغلي على المهاجمين. إلى جانب الجانب الدفاعي، تضم القلعة تصميمات معمارية تعكس فن العمارة المملوكية، من الأقواس والزخارف إلى النوافذ ذات التفاصيل الهندسية.

اليوم، تُعد قلعة قايتباي من الوجهات السياحية الرئيسية في الإسكندرية، حيث تستقبل آلاف الزوار من مصر وخارجها. يمكن للزوار استكشاف الغرف والممرات الداخلية، والتسلق إلى البرج العلوي لمشاهدة مناظر بانورامية خلابة تطل على البحر ومدينة الإسكندرية، ما يمنح الزائرين تجربة فريدة تجمع بين التاريخ والجمال الطبيعي. كما تُعقد في القلعة بعض الفعاليات الثقافية، مما يعزز من دورها كموقع حضاري ومعلم سياحي بارز في المدينة.