حدائق بابل المعلقة: أشهر أثر مفقود في العالم
ذكرها المؤرخون الذين عاشوا قبل الميلاد، اعتُبرت من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، إلا أن مكانها يظل لغزاً كبيراً يحير العلماء، حتى إن البعض منهم يظنها أسطورة لم توجد يوماً ما.
في حلقة اليوم من برنامج "عجائب الآثار" نروي لكم ما توصلنا إليه من معلومات حول أعجوبة حدائق بابل المعلقة، أشهر أثر مفقود في العالم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
حدائق بابل المعلقة
هي إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، حيث يُعتقد أنها بُنيت في مدينة بابل القديمة، التي تقع حالياً بالقرب من مدينة الحُلة في محافظة بابل في دولة العراق.
اكتسبت هذه الحدائق شهرة عالمية على مر العصور، حيث اعتُبرت أول تجربة للزراعة العمودية في التاريخ، وأول تطبيق لمحاولة بناء جبل صناعي على أرض منبسطة، إضافة إلى تقنيات الري الغامضة التي تم استخدامها في ذلك الزمن البعيد، والتي استطاعت الحفاظ على حياة آلاف الأشجار المرتفعة عن النهر عشرات الأمتار.
الملك نبوخذ نصر الثاني
والشائع أن باني حدائق بابل هو الملك نبوخذ نصر الثاني، الذي حكم بين عامي 605 إلى 562 قبل الميلاد، وبنى الحدائق في مدينة بابل القديمة إرضاءً لزوجته "أميتس" الفارسية، التي اعتادت العيش في تلال بلاد فارس الوارفة، وكرهت العيش في أرض بابل المسطحة، وكانت النتيجة حدائق معلقة من صنع البشر لم يسبق أن عرف التاريخ مثالاً لها.
ماذا قال التاريخ عن حدائق بابل المعلقة؟
ذكرت حدائق بابل المعلقة في العديد من النصوص القديمة، حيث قال المؤرخ ديودور الصقلي، إن مساحتها بلغت أكثر من 14 ألف متر مربع، وكانت على شكل تل وتتكون من طبقات ترتفع الواحدة فوق الأخرى، وهي تشبه المسارح اليونانية، وضمت أشجاراً من كل الأنواع، كما تم تصميمها بطريقة تسمح للضوء بالوصول إلى كل شجرة فيها.
أما المؤرخ والجغرافي سترابو، فقد ذكر أنه تم استخدام آلات مبتكرة لرفع المياه من النهر إلى أعلى نقطة في تلك الحدائق، حيث كانت ترفع المياه عن طريق أنابيب لولبية تبدأ من نهر الفرات، وكان ثمة موظفين مهتمين بإدارة هذه الأنابيب ومتابعة صيانتها باستمرار.
الأثر المفقود
وعلى الرغم من ذكرها المتكرر لدى كثير من المؤرخين، إلا أن حدائق بابل المعلقة، لازالت تحمل لغزاً لم يحل حتى الآن، وهو الموضع الذي بنيت فيه بالتحديد، فحتى الآن لم يعثر على أثر واحد في بابل القديمة يدلنا على الموضع الذي بنيت فيه تلك الأعجوبة.
الأكثر إثارة للدهشة، أنه لا يوجد أي ذكر لحدائق بابل ضمن أي أثر أو نقش في بابل القديمة، وإنما عرفنا بها فقط من كتابات المؤرخين، أما الآثار فقد صمتت عنها تماماً وكأنها لم توجد يوما، ولم تفلح كل عمليات البحث الأثرية التي قام بها العلماء في العصر الحديث، في العثور على دليل مادي واحد يثبت وجودها، حتى إن البعض يعتقد بأنها مجرد أسطورة، وأنها الأعجوبة الوحيدة من عجائب العالم القديم التي لم نتأكد من حقيقتها بعد.
هل بحث العلماء في المكان الخطأ؟
العالمة البريطانية ستيفاني دالي، المتخصصة في الدراسات الشرقية بجامعة أكسفورد، طرحت نظرية مختلفة، تفتح الباب إلى احتمالية العثور على حدائق بابل، حيث قالت إن السبب وراء عدم عثور العلماء على أي دليل مادي على وجود تلك الأعجوبة، هو أن العلماء ضلوا طريقهم أثناء البحث عنها، أي أنهم كانوا يبحثون في المكان الخطأ، وهو بابل القديمة.
سيتفاني التي قضت 20 عاماً تحاول إثبات نظريتها، تقول إن الحدائق ربما بُنيت على بعد مئات الأميال إلى الشمال من مدينة بابل القديمة، وبالتحديد في مدينة نينوى التي تقع على بعد حوالي 450 كلم شمال محافظة بابل، والتي تمثلها في الوقت الحاضر مدينة الموصل شمال العراق.
نظرية ستيفاني لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت إلى أن الحدائق ربما بنيت قبل نبوخذ نصر، حيث ورد وصف لها في نقش بقصر الملك سنحاريب بمدينة نينوى، وهو ملك آشوري عاش قبل نبوخذ نصر بمائة عام.
ستيفاني عثرت بناء على نظريتها، على أنقاض ترابية وخرائب تنحدر وصولاً إلى مساحة خضراء، بالقرب من قصر سنحاريب في مدينة نينوى، تطل على مساكن حديثة ومناطق ريفية مفتوحة، حيث تعتقد أنه المكان الأصلي الذي أقيمت فيه حدائق بابل المعلقة، معتقدة أن ستعثر في المستقبل القريب على دليل دامغ لا يقبل الشك يثبت نظريتها.
أيا كان الموضع الذي بنيت فيه حدائق بابل المعلقة، فإن المؤرخين الذين عاشوا قبل الميلاد يؤكدون أنها كانت موجودة بالفعل، وأنها ظلت لقرون تدهش كل من يراها، حتى باتت أشهر أثر مفقود في العالم.