جمال غامض.. زيارة الأماكن المهجورة حول العالم
في عمق العالم، تكمن جواهر مهجورة تروي قصصًا منسية وتعكس بقايا عبقرية الإنسان وهشاشة مدى بقائه. تلك الأماكن التي شهدت يومًا حياة مزدهرة ونشاطًا، الآن تظل مهجورة ومنسية، ولكنها تعبر عن جمال يجذب الباحثين عن الغموض والتاريخ. في هذا المقال، سنغوص معًا في عالم الأماكن المهجورة الأكثر إثارة للدهشة والجمال في العالم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فالأماكن المهجورة الجميلة في العالم حيث تمتزج الحكايات الضائعة بجمال الطبيعة والتاريخ. إن زيارة تلك الأماكن ليست مجرد رحلة سياحية، بل هي تجربة تعيدنا للماضي وتسمح لنا بفهم قصص البشرية وعبقريتها، وربما تلهمنا للحفاظ على تلك الثروات التاريخية والثقافية للأجيال القادمة، وأجمل هذه الأماكن:
محطة كانفرانك في إسبانيا
محطة كانفرانك (Canfranc) في إسبانيا تعتبر واحدة من أكثر المحطات القديمة والمذهلة في العالم، حيث تمزج بين العمارة الهائلة والتاريخ الغني والقصص الغامضة التي تحيط بها. تقع هذه المحطة الضخمة في جبال البيرينيه الجميلة، على الحدود بين إسبانيا وفرنسا، وتعتبر علامة بارزة للفن المعماري الفرنسي.
بنيت محطة كانفرانك في أواخر القرن التاسع عشر وافتتحت رسميًا في عام 1928، وكانت جزءًا من خط السكك الحديدية الدولي بين فرنسا وإسبانيا. كانت تُعتبر آنذاك واحدة من أكبر المحطات في أوروبا، وقد خدمت كمرك للتبادل التجاري بين البلدين، خاصة خلال الحرب العالمية الثانية حيث شهدت تدفقًا كبيرًا من اللاجئين والجنود والمعدات العسكرية.
تتميز محطة كانفرانك بعمارتها الرائعة المستوحاة من القصور الفرنسية الكلاسيكية، مع تفاصيل مذهلة من الزجاج الملون والنحاس والرخام. يبلغ طول القاعة الرئيسية للمحطة حوالي 200 متر، وتتخللها سلسلة من القوسين العملاقين والنوافذ الضخمة التي تفتح الطريق للضوء الطبيعي المذهل.
ومع ذلك، فإن محطة كانفرانك تحمل أيضًا جوًا من الغموض والأساطير، حيث يُقال إنها شهدت عمليات تجسس وأحداث غريبة خلال الحرب العالمية الثانية. تعرضت المحطة لأضرار جسيمة بعد حادث قطار في عام 1970، مما أدى إلى إغلاق جزئي لها، ومنذ ذلك الحين لم تعد تستقبل القطارات.
مع مرور الوقت، أصبحت محطة كانفرانك مقصدًا للمهتمين بالتاريخ والعمارة، حيث يمكن للزوار استكشاف أروقتها الضخمة والتعرف على قصتها الغنية من خلال المعارض والجولات الموجودة في المحطة. كما يُعد المنظر الطبيعي المحيط بها جزءًا لا يتجزأ من جاذبيتها، حيث يمكن للزوار التمتع بالمناظر الخلابة لجبال البيرينيه والمناطق المحيطة بها.
باعتبارها تحفة من التاريخ والعمارة، تظل محطة كانفرانك تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، الساعين لاكتشاف جمالها الخاص ولتذوق جوهر التاريخ الذي تحمله هذه البقعة الفريدة في قلب جبال البيرينيه.
فندق كوباري Kupari في كرواتيا
فندق كوباري (Kupari) في كرواتيا يمثل شاهدًا على الزمن الجميل والحروب التي شهدتها المنطقة، وهو يعتبر واحدًا من أكثر الأماكن المهجورة إثارة للفضول والجمال في البلاد.
يقع فندق كوباري في ساحل جميل على بحر الأدرياتيك في منطقة دوبروفنيك الرائعة في جنوب كرواتيا. تم بناء الفندق في الستينيات من القرن الماضي كجزء من مشروع سياحي فخم، حيث كان يُعتبر واحدًا من أبرز وجهات الرفاهية والاستجمام في المنطقة.
الفندق كان يتميز بموقعه الخلاب على شواطئ البحر الصافية والمناظر الخلابة لجبال البلقان المحيطة. كان يتألف من عدة مبانٍ فخمة، تضم غرفًا فسيحة ومرافق ترفيهية متنوعة مثل مسابح ومطاعم وملاعب تنس.
ومع ذلك، خلال حرب الاستقلال الكرواتية في التسعينيات، تعرض فندق كوباري والمنطقة المحيطة به لأضرار جسيمة جراء القتال والقصف. عانت المباني من التلف الشديد، وأصبح الفندق مهجورًا ومغلقًا منذ ذلك الحين.
مع مرور الوقت، أصبح فندق كوباري موطنًا للغموض والجمال المهجور. يمكن للزوار اليوم استكشاف هذا الموقع الفريد، والمشي عبر أروقته الخالية وغرفه الفارغة التي لا تزال تحتفظ ببعض اللمسات الفخمة من الماضي. يعطي الفندق إحساسًا بالحزن والجمال في الوقت نفسه، حيث تعلو الأعشاب البرية سطوحه، وتغطي الحشائش البن المهجورة.
ومن المثير أن هناك خططًا لإعادة تطوير فندق كوباري وإحياءه كموقع سياحي مرة أخرى، حيث يعتبر هذا المكان محطة سياحية مهمة في تاريخ كرواتيا الحديث. يجذب فندق كوباري اليوم العديد من المصورين والمسافرين الباحثين عن الغموض والتاريخ، الذين يأتون لاستكشاف جماله الخاص وليعيشوا تجربة مثيرة تجمع بين الجمال الطبيعي الخلاب والتأمل في قصة الماضي المضطرب للمكان.
المستشفى العسكري في ألمانيا ” Beelitz “
يعتبر المستشفى العسكري في بيليتز (Beelitz) في ألمانيا واحدًا من أكثر الأماكن المهجورة والمثيرة للاهتمام في البلاد، حيث يحمل قصة طويلة من التاريخ والتحولات التي شهدتها المنطقة.
يقع هذا المستشفى الضخم في بلدة بيليتز في ولاية براندنبورغ الألمانية، على بعد حوالي 50 كيلومتراً جنوب غرب برلين. تم بناء المستشفى في نهاية القرن التاسع عشر وافتتح رسميًا في عام 1898، وكان مخصصًا في البداية لعلاج مرضى السل.
خلال الحربين العالمية الأولى والثانية، استخدم المستشفى كمركز طبي عسكري للجيش الألماني. وخلال الحرب العالمية الأولى، عالج فيه المستشفى الجنود الألمان المصابين، بما في ذلك هتلر نفسه بعد إصابته في معركة السوم. وبعد ذلك، خلال الحرب العالمية الثانية، تحول المستشفى لمركز لعلاج الجرحى والجنود المصابين.
بعد الحرب العالمية الثانية، تم استخدام المستشفى لفترة قصيرة كمركز علاج للنساء اللاتي أصبن بمرض السرطان. ثم تم إغلاقه تدريجيًا في العقود اللاحقة، وترك للعبور الحر للزمن والطبيعة.
يتميز المستشفى بعمارته الرائعة التي تمزج بين الطراز الألماني التقليدي والطراز العسكري الصارم. يتألف المجمع من عدة مبانٍ متصلة ببعضها البعض عبر ممرات طويلة ومعابر مظلمة. تزخر الغرف بالأثاث المهجور والأدوات الطبية المتهالكة، مما يعطي إحساسًا بالزمن المتوقف.
اليوم، يُعتبر المستشفى العسكري في بيليتز موقعًا لا يزال يثير فضول الزوار والمصورين والمسافرين الباحثين عن التاريخ والغموض. يمكن للزوار استكشاف أروقته المهجورة وغرفه المتروكة، والتعرف على القصص والحكايات التي جرت في تلك الأماكن.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر المستشفى موطنًا للفن والثقافة أيضًا، حيث تُقام فيه فعاليات ومعارض فنية مؤقتة تعكس تاريخه وجماله المهجور. تظل زيارة المستشفى العسكري في بيليتز تجربة فريدة وممتعة، تجمع بين التأمل في التاريخ والاستمتاع بجمال العمارة الهائلة والغموض الذي يحيط بالمكان.
بلدة كراكو في إيطاليا
بلدة كراكو (Craco) هي واحدة من أكثر القرى القديمة والمهجورة إثارة للاهتمام في إيطاليا. تقع في إقليم بازيليكاتا في جنوب البلاد، وتعتبر من أشهر المواقع السياحية الهامة التي تجذب السياح والمصورين والمغامرين.
تأسست كراكو في العصور الوسطى وكانت تعيش أوقات ازدهار خاصة في القرن الثاني عشر. تمتاز القرية بموقعها الاستراتيجي على قمة تل عالٍ، مما جعلها محمية من الأعداء وقوى الطبيعة. ومع ذلك، تعرضت كراكو للعديد من الكوارث الطبيعية والظروف القاسية على مر العصور، مما دفع السكان لتركها تدريجيًا.
في أواخر القرن العشرين، أخلت السلطات القرية بشكل كامل بسبب مشاكل التآكل الطبيعي للتربة وخطر الانهيارات الأرضية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت كراكو مهجورة وتُعتبر منطقة حماية ثقافية.
تشتهر كراكو بمعمارها القديم والمتداعي والذي يعود إلى العصور الوسطى والنهضة، حيث يمكن للزوار استكشاف شوارعها الضيقة والمتعرجة والمباني القديمة التي لا تزال تقف كشاهد على تاريخها العريق. يمكن للمهتمين بالتاريخ استكشاف بقايا الكنائس والمباني العامة والساحات التي كانت تجمع السكان في السابق.
من أبرز معالم كراكو هو قلعتها القديمة التي تقع على قمة التل، والتي كانت في الماضي نقطة الدفاع الأولى للقرية ضد الهجمات. كما يمكن للزوار التمتع بإطلالات خلابة على المناظر الطبيعية المحيطة، حيث توجد كراكو على قمة تل مرتفع يطل على وادٍ خلاب.
بالرغم من مهجورها، إلا أن كراكو أصبحت مقصدًا سياحيًا شهيرًا، حيث يأتي الزوار من مختلف أنحاء العالم لاستكشاف جمالها المهجور والغامض. يمكن للمصورين التقاط صور فريدة ورائعة في هذه البلدة التاريخية، بينما يمكن لعشاق الثقافة والتاريخ الغوص في عالم من القصص والأساطير التي تحيط بكراكو. تظل زيارة كراكو تجربة لا تُنسى، تجمع بين جمال العمارة القديمة والمناظر الطبيعية الخلابة، وتدفعنا إلى التأمل في مرور الزمن وتأثيره على هذه القرية الرائعة.
جزيرة كوجي بالصين
جزيرة كوجي (Koh Ker) هي جزيرة مهجورة تقع في مقاطعة لياونينغ بمقاطعة تشيجيانغ في الصين. تعتبر كوجي واحدة من أكثر الجزر القديمة والمثيرة للاهتمام في المنطقة، حيث تحمل تاريخًا غنيًا وثقافة متنوعة.
تبلغ مساحة جزيرة كوجي حوالي 130 كيلومتر مربع، وهي تشتهر بمناظرها الطبيعية الخلابة، والشواطئ الرملية الجميلة، والتضاريس الوعرة. يعود تاريخ الجزيرة إلى فترة أسرة تانغ (618-907 م)، حيث كانت مستوطنة للعديد من القبائل البحرية والتجار الذين كانوا يعيشون ويعملون على السواحل الصينية.
من بين أهم معالم جزيرة كوجي هو معبد يونغونغ (Yongfeng Temple)، الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر. يتميز هذا المعبد بمعماره الرائع والتصميمات الدينية الجميلة، ويُعتبر مكانًا هامًا للتأمل والسكينة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للزوار الاستمتاع بالمشي في غابات كوجي الكثيفة واستكشاف العديد من المناطق الطبيعية الخلابة مثل غابة داكونغشان وشلالات بايتيان، التي تعتبر واحدة من أكبر الشلالات في المنطقة.
ومع ذلك، فإن جزيرة كوجي تعتبر اليوم مهجورة بشكل عام، حيث تركت القبائل القديمة والسكان الأصليين الجزيرة مع تطور العصور، مما جعلها تعاني من قلة السكان والحضور البشري.
تعتبر زيارة جزيرة كوجي تجربة فريدة، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالطبيعة الساحرة والهدوء والسكينة التي توفرها الجزيرة المهجورة. تعتبر جزيرة كوجي مقصدًا شهيرًا لعشاق المغامرات والمصورين الذين يسعون إلى استكشاف جمالها الطبيعي واكتشاف الثقافة القديمة التي تعتبر جزءًا من تاريخ الصين الغني والمتنوع.