الموناليزا حقيقة أم خيال!
تُعدّ لَوحة الموناليزا من أشهر اللوحات العالميّة، وهي لوحة رسمها الفنّان الإيطاليّ الشّهير ليوناردو دا فنشي، وهو أحد أشْهر الرسّامين على مرّ العصور، ومن ينظر إلى الموناليزا يُلاحظ ابتسامتَها الحزينة مع نظرة عينَيها التي يُسيْطر عليها الغُموض، ويُقال إنّ دا فنشي كان قد استأجرَ مُهرّجاً، كي يجعلها تُحافِظ على ابتسامتها أثناء فترة رسمه لها. يُطلَق على لوحة الموناليزا أيضاً اسم الجيوكندا، وتُعدّ اللوحة صغيرة الحجم مُقارنةً بلوحات دا فنشي الأخرى، إذْ يَبلُغ طولُها 30 إنشاً، أمّا عَرضُها فيبلُغ 21 إنشاً
شاهد أيضاً: الكولوسيوم..أعظم ما قدمه الرومان للعالم!
أين توجد لوحة الموناليزا
تقول بعض الاعتقادات السّائِدة، إنّ لوحة الموناليزا ليست كاملةً، إذ يُعتقَد أنّ العديد من تفاصيلها اختفت أو أُتلِفت بفعل نقلِها من إطارٍ إلى آخر، فقد بقيت اللوحة مع دا فنشي يتنقل فيها من بلد إلى آخر، لِيَستعرِض مهاراته وابتكارَه في الرّسم، حيث حمل دا فنشي اللوحة بدايةً إلى ميلانو، ثمّ روما، ثمّ فرنسا. اشترى الملك فرانسيس الأوّل اللوحة، ووضعها في قصر شاتوفونتابلو، ثمّ نُقِلت اللوحة إلى قصر فرساي، وفي عام 1798م، نُقِلت إلى متحف اللوفر في باريس، ثمّ أخذها نابليون، ووضعها في غرفة نومه عندما حدثت الثّورة الفرنسيّة، وكان ذلك في عام 1800م، إلى أن أُعيدت الموناليزا إلى متحف اللّوفر في باريس بحلول عام 1804م.
توجد لوحة الموناليزا الآن في متحف اللوفر في باريس، ويزورها حوالي ستّة ملايين شخص سنويّاً، ويمكن لكلّ شخص أن ينظر إليها بمعدّل 15 ثانيةً فقط.
-
1 / 4
حقيقة الموناليزا
بدأ ليوناردو دا فنشي برسم لوحة الموناليزا عام 1503م، وانتهى منها عام 1510م، حيث رسمها بناءً على طلب تاجر الحرير الإيطاليّ فرانسيسكو ديل جيوكوندو الذي كان صديقاً مُقرَّباً من دا فنشي، فقد طلب منه أن يرسم زوجته الثّالثة، تعبيراً عن حُبّه لها، وذلك حسب ما توصّل إليه المؤرّخ الإيطاليّ جوزيبي بالانتي، حيث بحث في ذلك مُدّةّ 25 عاماً.
وقيل، إنّ فرانسيسكو ديل جيوكوندو لم يستلم اللوحة، لأنّ دا فنشي استغرق وقتاً طويلاً في رسمها، وعلى الرّغم من وجود دلائل على وجود الموناليزا قديماً، ومعرفتها بِدا فنشي شخصياً، إلا أنّ تلك الدّلائل لا تُثبِت أنّها المرأة نفسها الموجودة باللوحة، ولا أحد يعرف من هي المرأة المرسومة في اللوحة تحديداً، فالبعض يقول إنّها والدة دا فشني، وهناك مَن يدّعي أنّها من نسج خياله، كما يدّعي آخرون أنّها تجسيم لمريم العذراء.
توجد روايات كثيرة حَول شخصيّة الموناليزا، وسرّ ابتسامتها الحزينة، فهناك رواية تقول، إنّها كانت تُدعى مادونا ليزا دي انتينو، وهي الزّوجة الثّالثة لتاجر الحرير الإيطاليّ صديق دا فنشي، أمّا ابتسامتها الحزينة فقد حلّل دا فنشي الأمر بخبرته الفنيّة، واكتشف أنّها كانت تُحبّ شخصاً آخر، وقد تُوفّي بسبب مرض مُزمِن، ومنذ ذلك الحين لم تضحك، واكتشف أيضاً أنّها تزوّجت تاجر الحرير رغماً عنها، وهناك مصادر أخرى تقول: إنّها كانت حاملاً، وهي حزينة بسبب الألم الذي كانت تشعُر به.
وقال كاتب ومؤرّخ صينيّ يُدعى أنجيلو باراتيكو: إنّ الموناليزا هي لوحة رسمها دا فنشي لِوالدته، وهي خادمة صينيّة تُدعى كاترينا، وقد بحث باراتيكو في هذا الموضوع أعواماً لِيُثبِت ذلك، وتوصّل أيضاً إلى أنّها انتقلت إلى مدينة فينشي، لأنّ العلاقة مع الخدم كانت غير لائقة في ذلك الوقت، وكما قال سيغموند فرويد في خلفيّة الصّورة هناك مناظر طبيعيّة صينيّة، وحتى وجهها يبدو صينيّاً، وقد أكد هذه النّظرية المؤرّخ الفنّي فيتور تيكسيرا، مُشيراً إلى أنّ ملامح دا فنشي لا تُشير إلى أنّه من أصل صينيّ، وبذلك فإنّ فكرة أنْ تكون والدته صينيّةً بعيدة عن الواقع.
سرقة اللّوحة وإعادتها
في عام 1911م سرق شابّ فرنسيّ يُدعى بيروجي لوحة الموناليزا من المتحف، ولم يُلاحظ أحد اختفاء اللوحة، حتّى إنّ الحُرّاس اعتقدوا أنّ مكان اللوحة تغيّر لِغايات التّصوير، ولم يُدرِكوا أنّها سُرِقت إلا في اليوم اللاحق، وكان هذا بمثابة حَدَثٍ جَلَل، فقد أُغلِق المتحف تسعة أيّام، وأُغلِقت الحدود الفرنسيّة، وفُتِّشت القطارات والسّفن جميعها، وبعد عامين أُلقِيَ القبض على السّارق الحقيقيّ وهو فينتشنزو بيروجي، وكان نجّاراً يعمل في متحف اللوفر، الأمر الذي سهّل عليه عمليّة السّرقة.
باعَ فينتشنزو بيروجي اللوحة لفنّان من أصل إيطاليّ يُدعى ألفريدو جيري، وعندما تأكّد ألفريدو أنّها موناليزا دا فنشي الأصليّة، أبلغَ السُّلطات الإيطاليّة التي ألقت القبض على اللصّ، ووضعت الموناليزا في متحف بوفير جاليري. علِمت الحكومة الفرنسيّة بالأمر، فقامت بمفاوضاتٍ عدّة بهدف إعادة اللوحة، وكادَت هذه المفاوضات أن تنتهي بانقطاع العلاقة بين البلدَين، إلّا أنّها انتهت باستعادة اللوحة، ومعها السّارق لِمُحاكمته على فعلَته، وعند مُحاكمته استطاع أنْ يُقنِع الحكومة أنّه إيطاليّ وطنيّ، وأنّه كان يَنوي أن يُعيد اللوحة إلى إيطاليا حيث انتماؤها الأصليّ، وبهذا حُكِم عليه بالسّجن ستّة شهور فقط.