المنازل المتنقلة: الملاذ الآمن لعشاق السفر في زمن كوفيد-19
وجد عشاق السفر الذين فرضت جائحة كوفيد-19 قيوداً صارمة على تنقلاتهم، ملاذهم الآمن في "مقطورات التخييم" أو ما يُعرف بـ"المنازل المتنقلة"، التي باتت تشهد إقبالاً غير مسبوق.
ومع استمرار تفشي الوباء حول العالم، تزايدت أعداد مقطورات التخييم ومركبات "الفان Van" على الطرق المؤدية إلى وجهات العطلات، فالملايين الخارجين من تدابير الحجر الصحي، يرغبون في قضاء إجازاتهم بأمان في الأماكن المفتوحة.
وذكرت المصانع المصممة لمثل تلك المركبات التي توصف بـ"الترفيهية"، أن مرحلة الجائحة شهدت ارتفاعاً كبيراً في المبيعات بشكل تجاوز كل التوقعات.
المنازل المتنقلة: سفر موفر دون قيود كورونا
ووصف المتقاعد الفرنسي، جان ميشال، الذي اشترى للتو مركبة "Van" بسعر 50 ألف يورو، الأمر بالاستثمار المجدي، قائلاً إنه عند المقارنة بأسعار تذاكر السفر والإيجارات وتكلفة الإقامة في الفنادق، بالتأكيد سيمثل "المنزل المتنقل" صفقة رابحة، بحسب موقع يورو نيوز.
وأضاف أنه لم يعد يتخيل نفسه يسافر بالطائرة إلى مكان بعيد على نحو ما كان يفعل سابقاً، ففي ظل الجائحة أصبح البحث عن مكان أقل ضيقاً وأكثر هدوءاً، يقع في منزلة وسطية بين السفر إلى دول العالم والحجر المنزلي بسبب كوفيد-19، أمر ضروري للغاية.
ولعل أكثر ما يجذب السائحون في "المنازل المتنقلة" مرونتها، حيث تتيح لهم الانتقال من موقع تخييم إلى آخر، أو الإقامة وسط الطبيعة المفتوحة لأي فترة.
ويفضل هذا النوع من المركبات كل من الشباب وكبار السن على حد سواء، فالشباب يرون في السفر بهذه الطريقة وسيلة لتمضية عطلة بتكلفة أقل، أما كبار السن فيرون فيها أماناً في زمن الوباء.
تقول جولي فينيو، التي تؤجر مركبات "Van" فاخرة من خلال شركتها المتخصصة في هذا المجال: "لاحظنا أن المنزل المتنقل يشبه إلى حد ما الفقاعة الصحية، وأن السفر بواسطة هذه المركبات يوفر للمرء انطباعاً عن نمط الحياة البسيطة كما كانت في الماضي".
إقبال ملحوظ من "جيل الألفية" على المنازل المتنقلة
ومن الجدير بالذكر أن متوسط عمر المهتمين بشراء "المنازل المتنقلة" والاستماع بالمساحات الخارجية انخفض كثيراً عما سبق، ففي الولايات المتحدة، انخفض متوسط عمر المشترين إلى 41 عاماً في عام 2020، بعدما كان 53 في الأعوام السابقة، بحسب المنظمة الأمريكية للعاملين في هذا القطاع.
وذكرت شركة "تور إنداستريز" أن أبناء "جيل الألفية"- مصطلح يستخدم لوصف الفئات السكانية التي تتكون من الأشخاص الذين ولدوا في الفترة ما بين 1981 و 1996 وهم يمثلون سوقاً كبيراً- يشترون منازلهم المتنقلة في سن أبكر مما كان يفعل المنتمون إلى الأجيال السابقة، كما أنهم يدفعون أكثر بكثير من الأجيال السابقة بنحو 67 ألف دولار في المتوسط.
منزل أم غرفة فندقية متنقلة؟
رغم أن فكرة المركبات الترفيهية تقوم على تعديل عربات الـ"Van"، إلا أن المشتري له الاختيار وفقاً للإمكانات: هل يتم التعديل لتتحول إلى "منزل متنقل" أم غرفة فندقية فاخرة؟
ويتولى مئات العمال، في المصنع الفرنسي التابع لمجموعة "بيلوت"، إدخال التعديلات على عربات "الفان" من طرازي "فيات" و "رينو"، بإضافة الأسرّة والكهرباء والمطبخ والمراحيض.
ويقول الناطق باسم المجموعة، أنطوان غيريه: "نحن في حالة استنفار، لدينا طلب كبير والكثير من الزبائن يريدون سيارات قبل الصيف، في السابق كان سوق المنازل المتنقلة يتطور بشكل مطرد، لكن فيروس كورونا أدى إلى تسريع هذا النمو"، موضحاً أن الطلب المتزايد يشمل كل أنواع السيارات، سواء الشاحنات المعدلة أو الغرف الفندقية المتنقلة التي يصل سعرها إلى نحو 200 ألف يورو.
ووصف غيريه كل يوم يمر في العمل بـ"معركة لإخراج المركبات في الوقت المحدد"، خاصة مع تعطل الإنتاج لفترات بسبب إغلاق بعض المصانع خلال فترات الحجر أو نقص بعض المستلزمات.
مبيعات قياسية للمنازل المتنقلة في 2020
وسجلت مبيعات المركبات الترفيهية رقماً قياسياً في عام تفشي الجائحة 2020، وفقاً لاتحاد البيوت المتنقلة الأوروبي، حيث بلغت 234 ألف وحدة، بزيادة 12% عما سبق.
وتسبب الإقبال المتزايد على المركبات الترفيهية، في إطالة أجل تسليم العملاء، كما حدث في الولايات المتحدة، حيث امتلأت لوائح طلبات مقطورات التخييم الفاخرة المصنوعة من الألومنيوم لدى شركة "إيرستريم" حتى عام 2022.
وأكد الرئيس التنفيذي للشركة، بوب ويلر، أن الطلب على الشاحنات تجاوز التوقعات بكثير، وأن شركته باعت حتى الآن أكثر من 90% من كل شيء ترسله إلى وكلائها.
وتتوقع شركة "تور إنداستريز" الأولى عالمياً في القطاع، ومالكة شركة "إيرستريم"، استمرار ضغط الطلب على "المنازل المتنقلة" حتى نهاية عام 2021 الأقل، وبين شهري يناير ومارس من العام الجاري، حققت المجموعة الأمريكية مبيعات تاريخية وصلت إلى 2.73 مليار دولار.
وذكرت شركة الاستشارات الأمريكية "أريزتون" أن عدداً متزايداً من الناس يخططون لرحلات برية، بينما لا تزال المكاتب مغلقة بسبب الوباء، ويتوقع خبراؤها نمو السوق العالمية للمركبات الترفيهية بنسبة 7 % سنوياً من الآن وحتى عام 2025، بعدما بلغ حجم المبيعات 42 مليار دولار عام 2020.
وفي ظل ارتفاع الطلب على السيارات الترفيهية الجديدة، يتجه البعض لشراء المركبات المستعملة أو استئجارها، بينما يتولى آخرون تجهيز مركباتهم بأنفسهم، مثل السويسرية، إليز بيجو، التي تربت مركبتها "موران" مع أصدقائها في الوقت الذي توقفت فيه دراستها في بروكسل بسبب الوباء، ولم يكلفها الأمر سوى بضعة فرنكات، ثم سافرت إلى بلجيكا والبرتغال.
تقول بليز: "أتاح لي التجوال الكبير أن أعيش تجربة جائحة كوفيد بطريقة شبه منفصلة عن القيود".