المراحيض اليابانية: العالم المندثر للمراحيض ذات الطراز الياباني
اشتهرت اليابان بجودة مراحيضها، والتي ربما أفضل من مثلها هو اختراعها لمقاعد المراحيض المزودة برشاشات المياه الدافئة. في هذا المقال الثاني من تلك السلسلة، التي تلقي الضوء على المراحيض اليابانية، تركز ماريتومو "صائدة المراحيض" على نوع آخر آخذاُ في التراجع وهو مراحيض القرفصاء ذات الطراز الياباني النادرة والغير اعتيادية، بالإضافة إلى العادات والأفكار المتميزة التي تحتوي تلك المراحيض.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
نبذة عن المراحيض ذات الطراز الياباني
حين يتعلق الأمر بالمراحيض العريقة ذات الطراز الياباني، أول ما يأتي على البال هو ذلك الموجود في فندق غاجوئين طوكيو. هذا الفندق الأنيق والمعروف سابقًا بـ ميغورو غاجوئين، كان يطلق عليه أيضاً ريوغو عصر شووا (89-1926)، فيما يعني القصر الغامض للإله التنين في أعماق البحر. ويتكون هذا الحمام ذو الأكثر من ثمانين عاما، من مرحاض فردي مثبت في أحد أركان الغرفة ذات مساحة 7.4 متر مربع. وهي الغرفة المطوية بعيدًا في مقصورة هياكودان كايدان (السلالم ذات 100 درجة)، والتي تفتح فقط للجمهور مع بداية عقد الفعاليات هناك. ووفقاً لإدارة الفندق، ربما كانت مصممة لاستخدام العرائس اللاتي أحتجن للمساعدة للإمساك بفستان الزفاف الزاحف على الأرض. وهو حمام يتماشى مع شهرة غاجوئين كمكان موقر لعقد الأفراح.
يمكن تصنيف المراحيض في العالم كنوعين: مراحيض الجلوس، في إشارة إلى مراحيض النمط الغربي في اليابان، ومراحيض القرفصاء، التي تشمل مراحيض الطراز الياباني التقليدية. وتسود مراحيض الجلوس في المناطق التي شهدت سيادة المسيحية مثل الولايات المتحدة، وأوروبا، بينما تعد مراحيض القرفصاء شائعة في الدول الأفريقية، العربية، والآسيوية. وتتميز المراحيض ذات الطراز الياباني بالشكل النصف دائري أو الشبه منحرف في الأمام، يسمى كينكاكوشي.
وترجع جذور مرحاض القرفصاء الياباني إلى هيباكو، وهو مرحاض محمول ظهر وانتشر لأول مرة في عصر هييآن (1185-794). وتحول كينوكاكي عند الوعاء في آخر الغرفة مع مرور الوقت إلى كينكاكوشي بشكله المعروف الآن. ويبدو شكله مثل البوابات التي توجد عند مداخل معابد الشنتو. وعند كينكاكوشي كان المستخدمون يقومون بتعليق حافة أثوابهم للحفاظ عليها من الأوساخ.
وشهد عصر ميجي (1912-1868) صعود وانتشار في مراحيض سوميتسوكي، المصنوعة من السيراميك الأبيض المزين بطلاء أزرق. وتعطي الصورة أدناه فكرة بصرية حول كيفية تطور كينوكاكي إلى كينكاكوشي. حيث اندثر الأول مع إزاحة المزيد من اليابانيين للكيمونو ووضعه جانبا لصالح الملابس الغربية، والتحول نحو وضع هذا الهيكل للأمام أضاف كما يبدو غرضًا جديدًا كشكل لإخفاء الأجزاء الحميمية والحفاظ على البول من التناثر. ويلبي هذا الفن الرقيق الخاص بمراحيض سوميتسوكي الهواجس اليابانية التي غالبًا تطور لتصبح المرحاض ذو التكنولوجيا الفائقة. وبدأ إنتاج المراحيض ذات الطراز الياباني المصنوعة من السيراميك والتي لاتزال تستخدم حتى اليوم في التسعينات.
هل اندثار تلك الحمامات أمر محسوم بالفعل؟
ومن المتوقع أن يتواصل تناقص المراحيض ذات الطراز الياباني، خاصة بالعاصمة، حتى الألعاب الأولمبية والباراليمبية طوكيو 2020. وتمضي حكومة مدينة طوكيو قدماً نحو خطة لرفع نسبة المراحيض غربية الطراز إلى 90% في المحطات على طول خطوط مترو الأنفاق البلدي توئي وإلى 80% في المدارس العامة الابتدائية والثانوية قبل 2020.
ولا تعد تلك السياسة قاصرة على استهداف الزائرين الأجانب فقط. فأغلب المنازل اليابانية اليوم تمتلك مراحيض غربية الطراز، مما يؤدي إلى زيادة عدد الأطفال ممن لا يعرفون طريقة استخدام المراحيض اليابانية. وتعني زيادة الأعمار في المجتمع الياباني أن المزيد من الأشخاص كبار السن يتفادون المراحيض التقليدية بسبب صعوبة جلوس القرفصاء بالاعتماد على أقدامهم الضعيفة. وفي العديد من المناسبات، تركتني سيدات كبيرات في السن لأذهب قبلهن إلى المراحيض العامة لأنهن لا يرغبن في استخدام المراحيض المتاحة ذات الطراز الياباني.
وعلى الرغم من أن اندثار المراحيض ذات الطراز الياباني أمر لا مفر منه، فهي ليست خالية من المميزات. فعلى العكس من مثيلاتها ذات الوضع الجالس، تسمح مراحيض القرفصاء بحركة أسرع وأسهل للأمعاء، حيث أن الانحناء للأمام في وضع القرفصاء مع مباعدة الأرجل يسمح بممارسة ضغط خفيف على الأمعاء والمستقيم. وهذا الفرق في الوضع يتسبب أيضاً في تقصير مدة استخدام المرحاض، مما يسرع معدل التداول في الحمامات العامة. وكذلك لأن المراحيض ذات الطراز الياباني لا تتضمن أي تلامس جسدي مباشر مع قاعدة المرحاض، تعد بالإضافة لذلك مفضلة لدى المتخوفين من الجراثيم الذين يكرهون الجلوس على مقاعد مراحيض لامستها أجسام غرباء بشكل مباشر.
ومع كل تلك المزايا، تنظر الكثير من المنشآت العامة في اختيار الإبقاء على بعض المراحيض ذات الطراز الياباني في الخدمة عوضاً عن الاستغناء الكامل عنها، لتلبية الاحتياجات المختلفة. والسؤال المطروح هو حول مكان وضعها بشكل مؤثر وما النسبة الواجب الحفاظ عليها بالمقارنة بالمراحيض ذات الطراز الغربي.
وسأكره رؤية المراحيض اليابانية تندثر، خاصة بصفتي باحثة في شؤونها. وتمتلك المراحيض العامة في رستو أوجو في إيتشيزين، بمحافظة فوكوي، إحساس كلاسيكي للحدائق اليابانية. ويوجد بهذا المطعم سبع مراحيض بالحديقة مجهزة بالكامل من أشجار الصنوبر، البامبو والمصابيح الحجرية وبينما بعض منها تضم مراحيض ذات الطراز الغربي، يجب القول صراحة أن تلك ذات الطراز الياباني أكثر جاذبية.