الكبسولة الزمنية! أحدث اكتشاف أثري فريد جنوب الأردن يعود لـ 7000 سنة

  • تاريخ النشر: الخميس، 24 فبراير 2022

الأردن موطن أقدم بناء من صنع الإنسان بهذا الحجم الضخم بالعالم

مقالات ذات صلة
اكتشاف ميلاس: جوهرة أثرية في جنوب غرب تركيا
اكتشاف منحوتات أثرية عمرها 9000 عام في صحراء الأردن
تراث مولدوفا.. اكتشاف أماكن أثرية فريدة لسنة 2024

اكتشاف أثري فريد من نوعه جنوب الأردن يعود لـ 7000 سنة قبل الميلاد، في حدث كبير تم الكشف عن آثار فريدة من نوعها جنوب الأردن، تعود لـ 7000 سنة قبل الميلاد. وأطلق عليها الكبسولة الزمنية! وبعد تنقيب استمر 10 أعوام.. الأردن يكتشف أقدم مصائد حجرية.. فما قصة هذه الآثار والمصائد النادرة.

الكبسولة الزمنية وأحدث كشف أثري أردني 

وفق تصريح الناشط موسى الساكت الذي أشار في صفحته على تويتر إلى"اكتشاف أثري مهم في البادية الشرقية يجعل #الأردن موطن أقدم بناء من صنع الإنسان بهذا الحجم الضخم بالعالم، مبروك للأردن هذا الاكتشاف الفريد".

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

اكتشاف أثري مهم في البادية الشرقية

الأردن موطن أقدم بناء من صنع الإنسان بهذا الحجم الضخم بالعالم

تمكن مجموعة مع علماء الآثار في دولة الأردن من اكتشاف تماثيل بأشكال رؤوس إنسان ومرفقة بمجموعة من المتحجرات التي وضعت في نفس المكان من قبل أشخاص ضمن نشاط مرتبط بعملية الصيد في البادية الشرقية. وهذا الاكتشاف يجعل الأردن موطن أقدم بناء من صنع الإنسان بهذا الحجم الضخم بالعالم

مسح أثري يكشف عن حفريات وآثار نادرة 

الاكتشاف جاء ضمن المسوحات الأثرية والحفريات التي قام بها فريق من العلماء يشمل البروفسور محمد طراونة من جامعة الحسين بن طلال، ضمن مشروع البادية الجنوبية الشرقية الأثري وبالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى Ifpo ودائرة الآثار العامة في الأردن ووزارة الخارجية الفرنسية وجهات أخرى. 

الآثار تضم إحدى مصائد الحيوانات البرية وجدران حجرية

الموقع هو إحدى مصائد الحيوانات البرية الواقعة إلى الشرق من قاع الجفر. وتتكون هذه المصائد من جدران حجرية غير مرتفعة قد تمتد إلى عدة كيلومترات وبشكل "محقان" له فم متسع عادة من الشرق ونهاية ضيقه في العادة من جهة الغرب تتجمع فيها الحيوانات الواقعة في المصيدة.

الأردن: اكتشاف مصائد حجرية أثرية تعود لـ9 آلاف سنة قبل الميلاد

وتتواجد المصائد في مجموعات تشكل حلقات صيد معقدة ومتطورة وممتدة لعشرات الكيلومترات لضمان أكبر ناتج صيد ممكن.

أبرز المعلومات عن المصائد الأثرية التي تم اكتشافها في الأردن

هذه المصائد الأثرية الأردنية، التي يطلق عليها علماء الآثار كلمة kites بسبب تقارب شكلها بالطائرات الورقية، تتواجد بأعداد كبيرة في الأردن في منطقة الأزرق والبادية الشمالية الشرقية وعبر الحدود في جنوب سوريا وشمال السعودية، لكن للأردن الحظ الأوفر منها حيث تتواجد وتتقاطع وبأعداد من العشرات وربما المئات. 

كشف أثري أردني يوضح سمات الصيد في الزمن القديم بالأردن

"الآثار العامة": الاكتشاف الأثري عمره 7 آلاف عام وهو كنز عالمي

الاكتشاف الأثري الأخير يعتبر نقطة تحول في فهمنا لهذه المصائد وإعادة النظر إليها بشكل جذري. الأهمية الكبيرة تأتي من اكتشاف جانب فني وربما ديني/ عقائدي لعملية الصيد قبل 7 آلاف سنة. 
بينما في العادة يتم إعطاء إعمار لهذه المصائد من ٥ ال ٦ آلاف سنة من الآن وضمن العصر البرونزي، قام هذا الاكتشاف بإعطاء عمر أقدم بكثير ومن العصر الحجري الحديث Neolithic B period ليفتح الباب على مصراعيه لإعادة دراسة مئات المصائد في طول البادية وعرضها.

وقد تمكن الفنيون وعلماء الآثار من إعطاء تاريخ ضاعف دقته ومصداقيته اتباع أسلوبين مختلفين من تقنيات الاختبار وهم استعمال الكربون المشع radiocarbon (بقياس نصف عمر الإشعاع في المواد العضوية من الموقع) من جانب واستعمال التقنية الـحدث وهي OSL Optically Stimulated Luminescence والمتمثلة بتحاليل مخبريه (تبين آخر مرة تعرضت لها حبيبات الكوارتز في الرمل إلى أشعة الشمس).

وفي حال تقارب أو تقاطع النتائج بين تقنيات مخبرية مختلفة تماماً نحصل على تواريخ موثوقة إلى حد بعيد. 

الكشف الأثري الأردني يربط بدايات الاستيطان والعمارة بنشاط صيد منظم

هذا اكتشاف بأهمية كبيرة فهو يربط بدايات الاستيطان والعمارة بنشاط صيد منظم وليس بالنشاط الزراعي كما هو سائد. وهو من الأمثلة النادرة على وجود عدد كبير من المتحجرات ضمن ما يشبه المعبد أو المكان المعد لطقوس دينية مرتبطة بعملية الصيد وربما الذبح تحديداً. 

هنالك أمثلة نادرة جداً لتواجد متحجرات في مجموعات أـثرية في أماكن أخرى في العالم وفي معظمها تتكون من قطع حلي وخرز واستعمالات في الدواء وفي تصنيع أدوات صوانية من أصل أشجار متحجرة.

الأردن واكتشاف أكبر متحجرات في العالم

لكن الأردن اليوم هو البلد الوحيد بالعالم المتواجد به أكبر وأقدم مجموعة متحجرات جمعت وتم ترتيبها بشكل طقوسي ديني. ويوفر هذا الاكتشاف الأخير فرصة كبيرة لاحتمالية تكرار هكذا "مصائد-مسالخ- معابد" في عشرات المواقع المماثلة في البادية الشرقية الأردنية.

الأردن واكتشاف حضارة عريقة تعتمد على الصيد

لنخرج حينها بحضارة خاصة متكاملة ومعتمدة على عملية الصيد بشكل يتطلب تقنيات وتنظيمات اجتماعية ولوجستية معقدة ومتطورة، حضارة تعيد كتابة التاريخ و تملأ الفراغ بين الحضارة النطوفية الأقدم وحضارات العصر البرونزي الأحدث وبالتزامن مع حضارة عين غزال التي اعتمدت على الزراعة بدل الصيد. 

ولكن من أين جاءت قطع المتحجرات؟ أو الكشف الأثري الأردني

يوجد هذا الموقع ضمن خط من تكشفات طبقة الصخور من "تكوين الموقر" وهذه الصخور غنية بمستحثات الامونايت البحرية وهي نوع من حيوان الأخطبوط الذي عاش في مياه بحر التيثس وانقرض قبل ٦٤ مليون سنة في مفصل زمني مهم من التاريخ الجيولوجي، في نهاية الفترة الماستريخية من أعلى العصر الطباشيري الكريتاسي.

متحجرات حيوانية وكشوفات أثرية رائعة في الأردن

ويبدو أن الأشكال المميزة لمتحجرات هذا الحيوان قد أثارت الفضول لدى الإنسان في هذا الموقع قبل ٩ آلاف سنة، حيث إنها ربما اعتبرت ذات قوى أو قدره أو "بركة" ما لعبت دور في طقوس صيد وذبح دينية محددة.

وتتواجد أصداف الامونايت على خط سلسلة جبال منخفضة إلى شرق وشمال قاع الجفر وغرباً حتى منطقة جرف الدراويش وشمالاً حتى محيط واحة الأزرق.
أما بخصوص التماثيل فهي ناتج عن ابتكار من الذي صنعها بشكل حجارة طبيعية من كتل بشكل قريب من رأس الإنسان ليتم إضافة ملامح الوجوه باستعمال ربما حجارة صوانية مثل الأزميل أو المطرقة، فقبل ٩ آلاف سنة لم تكن تقنيات التعدين موجودة وبذلك لم يعرف الإنسان حينها المعادن والأزاميل والشواكيش المعدنية المطلوبة لعملية النحت وتشكيل الحجر. 

كيف تم العثور على الآثار الأردنية 

وقد عثر الآثاريون في الموقع على كميات كبيرة من عظام الغزال، مما يشير إن عملية الصيد والذبح وربما تجفيف اللحوم، كانت أقرب إلى مصنع متطور ينتج كميات تجارية تفوق بكثير الاحتياجات الفردية لأعضاء العاملين في هذا "المسلخ المعبد" الكبير.

وهنا علينا افتراض أن تجارة مقايضة لحوم الغزال ربما اعتمدت على أسواق مجتمعات إلى الغرب في الجبال الأردنية والأغوار. 
وكذلك اتجاه معظم المطائد بفمها الواسع إلى الشرق وأحواضها المغلقة إلى الغرب.

ربما يشير إلى صيد موسمي استغل عمليات الهجرة الموسمية لآلاف الغزلان، ربما مع بداية الربيع هروباً من درجات الحرارة المرتفعة في صحراء العرب وباتجاه الأجواء الأكثر اعتدالاً صيفاً في هضبة الأردن على طول شرق الحفرة الانهدامية والأغوار. 

كيف نتعرف ونكتشف هذه المصائد الأثرية

ولكي نفهم هذه المصائد علينا ربطها في البحيرات القديمة في البادية وخاصة مع بيئة نهاية العصر الجليدي قبل ١٠ آلاف سنة، حيث استمرت بيئة مطيرة أوجدت عشرات البحيرات في الأردن والسعودية، منها قاع الجفر وبحيرة الحسا-جرف الدراويش وطبعاً بحيرة الأزرق و غيرهم كثير. 
تفاجئنا بادية الأردن باكتشافات تغير تاريخ الحضارة الإنسانية المشتركة. فهذه البادية قدمت للعالم اكتشاف أقدم صناعة خبز عرفت بالتاريخ، و ذلك في موقع شبيكة إلى الشرق من الأزرق، من الحضارة النطوفية قبل ١٤٤٠٠ سنه، هذا الاكتشاف الذي صحح معتقدات العالم حيث كان الربط لتاريخ الخبز بالزراعة، ليعيد تاريخ الخبز إلى ٤ آلاف سنة أقدم وربطه مع مجتمع الصيد والجمع. 
ويمكننا القول إن الاكتشافات التي سوف تغير كتب المناهج عالمياً قد تأتي بشكل أكبر من البادية وربما الأغوار، أكثر مما قد تقدمه المواقع الكلاسيكية مثل البترا وجرش والمواقع المشابهة. 
لدينا اليوم أقدم وأغنى موقع قام الإنسان به بجمع المتحجرات ونحت التماثيل ضمن منشأه بنيت خصيصاً لصيد بكميات كبيرة وبتنظيم اجتماعي إنتاجي طقوسي معقد ومتطور إلى حد بعيد. 
مبارك للأردن وللشعب الأردني وللعالم هذا الاكتشاف الأثري المذهل والذي يعد من أهم كنوز ودفائن وآثار العالم العربي.