الحرس السويسري .. حرس البابا والفاتيكان
كان ولايزال منصب بابا الكنيسة الكاثوليكية واحداً من أهم المناصب السياسية والدينية في العالم بأكمله، ولحساسية المنصب تم تكليف الجيش السويسري، الذي يُعرف بكونه من أهم وأقدم الجيوش في العالم بحماية قداسة البابا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
شاهد أيضاً: قبل 91 عاما.. تأسيس اصغر دولة في العالم
ويمتلك الحرس السويسري -الذي أسندت إليه مهمة حماية قداسة البابا منذ 500 عام- تاريخاً لا ينضب من الشجاعة، وعلى عكس ما قد توحي به أزياؤهم الملونة وقلة عدد جنوده الذين تتراوح أعدادهم بين 110 إلى 125، تلقى الحرس السويسري تدريباً قاسياً، وأثبتوا مهارتهم وجدارتهم في أرض المعركة أكثر من مرة منذ عصر الإمبراطورية الرومانية وحتى الآن.
ومع حساسية الدور الذي يقوم بها الحرس السويسري، كان لا بد أن تخضع عملية اختيار جنوده لمعايير دقيقة بما يتناسب مع ثقل المهمة المطلوبة منهم.
وفي محاولة للتعرف على مزيد من التفاصيل حول الجيش السويسري وتاريخهم في حماية بابا الكنيسة الكاثوليكية، نستعرض في التقرير التالي كل ما يخصهم من أول سر وقفتهم الجامدة وحتى معايير اختيار جنوده.
معايير الاختيار
يشترط للالتحاق بالجيش السويسري أن يكون الجندي من مواطني سويسرا، وألا يقل عمره عن 19 عاما، وألا يتجاوز 30 عاما، أما طوله فلا يجب أن يقل عن 174 سم، كذلك يجب أن ينهي تعليمه الثانوي أو الجامعي، وأخيرا وليس آخر يجب أن ينتمي إلى الكنيسة الكاثوليكية.
وفي حال تجاوز الجندي الشروط الأساسية السابقة، عليه أن يُنهي تدريبه العسكري التمهيدي في سويسرا من أجل بدء تدريبه العسكري الذي يمتد لـ5 أسابيع في روما، وبمجرد الانتهاء منه يحمل اسم "هالبيرد" أو "الحربة" نسبة إلى "الحربة"، السلاح الوحيد الذي كان المسموح لهم استخدامه في الحقبة من القرن الـ14 إلى الـ15.
وعندما ينتهي جنود الجيش السويسري من تدريبهم العسكري يلتقون بقداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية مع أهلهم في غرفة مغلقة كي يمنحهم قداسته مباركته، ومن ثم يتم تعيين مدرس شخصي للجنود لتعليمهم اللغة الإيطالية، وبانتهاء أول عام من خدمتهم، يصبح الجنود مؤهلين لاستلام مهام عملهم الرسمية لحماية البابا في دولة الفاتيكان.
ملابس الجنود
كان جنود الجيش السويسري يرتدون يومياً زيًا رسمياً باللون الأزرق، إلا أنهم باتوا يرتدون زياً ملوناً من اللونين الصفر والأزرق بحلول عام 1910، ويقال إن صاحب هذا التصميم هو النحات والرسام الإيطالي مايكل أنجلو، إلا أن المعلومة غير مؤكدة حتى الآن.
ومن أجل ظهور كل جندي بمظهر لائق تتم خياطة الزي الرسمي في الفاتيكان، حيث يؤخذ مقاس كل جندي على حدة، وهي عملية قد تستغرق 30 ساعة لتصميم زي واحد فقط!
ويمتلك جنود الجيش السويسري رموزاً للتواصل مع الجمهور، إذ إنه ليس من المسموح لهم دوماً الحديث مع المارة، ففي حال وقوف الجندي ثابتاً ممسكاً بالحربة يعني ذلك أنه في مهمة شرفية، ولن يتحدث مع الجمهور، لذلك يجب ألا تقترب منه، أما في حال وقوف الجندي عاقداً يديه ناظراً إلى الجمهور فذلك يعني أنه في مهمة حراسة، وبإمكانك الاقتراب منه وتوجيه الأسئلة.
تأمين وحماية البابا
ويمتلك الجيش السويسري 4 مهام، هي حماية وتأمين مداخل دولة الفاتيكان، وتأدية خدمات تأمينية وشرفية أخرى، ومرافقة البابا في رحلاته الخارجية، وأخيراً وليس آخر حماية المجمع المقدس خلال انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية.
كما يمتلك الحرس السويسري تاريخاً من الشجاعة، أشهرها واقعة بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا "كليمنت" السابع عام 1527، إذ تمكن الجيش السويسري من تعطيل جنود الإمبراطور الروماني تشارلز الخامس خلال محاولاتهم اقتحام كاتدرائية القديس بطرس، وساعدوا البابا كليمنت السابع في الهروب من الكاتدرائية إلى قلعة سانت أنجلو عبر أنفاق سرية، وهناك قضى قداسته 8 أيام في المفاوضات، ثم خرج بأمان ليتحدث عن بسالة الحرس السويسري.
أسرار لا يعرفها الكثيرون
يمتلك الجيش السويسري بعض الأسرار التي لا يعرفها كثيرون منها:
1- نجاح جوان بيرجامين في أن تصبح أول سيدة تتولى أمينة سر قائد الحرس السويسري، وكسرها القواعد مرة ثانية بزواجها من أحد القادة دومينيك بيرجامين الذي حملت اسمه، وفي ذلك الوقت لم يكن من المسموح لجنود الجيش بالزواج، ولذلك طلبت جوان إذناً خاصاً وتمت الموافقة عليه.
2- تأليف واحد من جنود الجيش السويسري كتاب طبخ بعنوان: The Vatican Cookbook: Presented by the Pontifical Swiss Guard، أو كتاب طبخ الفاتيكان: يقدمه الحارس السويسري للبابا، وقد حظي مؤلفه ديفيد جيسار بمباركة البابا فرنسيس نفسه بعد أن عزم عليه الأخير بقطعة مخبوزات، تخفيفاً عنه بعد هزيمة سويسرا من الأرجنتين عام 2014.
3- تحول كثير من جنود الجيش السويسري إلى رهبان، بسبب وجودهم الدائم في الكنيسة وحول قداسة البابا، الأمر الذي جعل أغلبهم يتجه إلى دراسة الدين، ويصبحون -حسب وصف الفاتيكان- أكبر مصدر لرجال الدين في الكنيسة.
4- قتالهم حتى الموت، فالمعروف أن حراس الجيش السويسري لا يستسلمون أبداً، ففي عام 1527 قُتِل كل الحرس السويسريين تقريباً خلال دفاعهم عن البابا كليمنت السابع ضد الإمبراطور الروماني شارل الخامس.
5- امتلاكهم متاجر هدايا على شرفهم، فبالقرب من كنيسة "القديسة آنا" يوجد محل للهدايا التذكارية مخصص للحراس السويسريين، إلا أنهم يسمحون للناس بدخوله عند سؤالهم بتهذيب، وأخيراً يحظى الحرس بإجازة نهاية العام، ويقضونها مثل الشباب في سنهم، في حضور الحفلات مع الأصدقاء.