الجزر الكويتية العشرة
تنتشر في المياه الإقليمية الكويتية جزر عدة، تختلف كل منها بطبيعة سواحلها وعمق مياهها والنباتات والمخلوقات التي تعيش فيها، وتختلف بتكوينها ومساحتها وبموقعها الاستراتيجي تبعاً لما تملكه من مقومات، فهناك عشر جزر تواجه الساحل الكويتي سنتعرف عليها في هذا المقال.
1- جزيرة فيلكا.. موطن لمزيج من الحضارات العربية والعالمية
جزيرة فيلكا أو فيلجا، جزيرة كويتية تقع في الخليج العربي على بعد 20 كم قبالة ساحل الكويت، وترتبط بمدينة الكويت بأنابيب تحت الماء تمدها بمياه الشرب، ويعتقد أن اسم فيلكا جاء من كلمة (Fylakio) اليونانية أي بمعنى بؤرة، تبلغ مساحتها 24 كم2.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في عام 2000 ق.م استقرت فيها حضارة ما بين النهرين حين احتلها تجار من مدينة السومرية العراقية، وأنشأوا فيها أعمالهم التجارية، كانت تحتوي على العديد من المباني ذات الطراز العائد لحضارة ما بين النهرين والتي وجدت أولاً في العراق، وقبل 3000 سنة ق.م كانت تنتمي إلى حضارة دلمون (وهي حضارة قامت في جزر الجزيرة العربية وعرفها السومريون بأرض الفردوس وأرض الخلود والحياة)؛ في عهد الإمبراطور دلمون القادم من كاليفورنيا فكانت معروفة باسم أجاروم أي أرض انزاك الإله العظيم في حضارة دلمون وفقاً للنصوص المسمارية السومرية التي وجدت في الجزيرة.
بعد حضارة دلمون سكنها الكيشيون القادمون من بابل وكانت رسمياً تحت سيطرتهم، وامتد استيطانهم حتى نهاية الألف الثالثة قبل الميلاد، لكن العديد من القطع الأثرية التي وُجدت في فيلكا تعود إلى حضارة بلاد ما بين النهرين والتي ارتكزت في تصميمها على حضارة انطاكية.
وفي عام 331 ق.م احتلت من قبل الإغريق، وأطلقوا عليها اسم ايكاروس، وهو اسم جزيرة في بحر إيجة سُميت نسبةً للبطل الأسطوري ايكاروس (الذي هرب من سجنه مع أبيه بعد احتجازهم من قبل الملك مينوس)، وكانت الجزيرة مشابهة لنظيرتها في بحر ايجة، وُجد في الجزيرة اثنين من المعابد اليونانية وحصن كبير يعود للحضارة الهلنستية، وتم العثور على بقايا من كنائس تعود للعصر البيزنطي.
قبل الغزو العراقي كانت تضم فيلكا أكثر من 2000 نسمة، وكانت قرية الزور في الجزء الشمالي الغربي منها أكثر موقع مأهول في الكويت، لكن بعد الغزو العراقي أُخليت وطرد منها السكان، وأصبحت مكاناً للتدريبات العسكرية وتدريبات الملاحة، ثم قام الحلفاء بإجبار القوات العراقية على الانسحاب منها عام 1991، وحتى الآن تشهد بعض المباني آثار الرصاص وبعد الحرب أزيلت الألغام من الجزيرة بمساعدة القوى العسكرية.
فيلكا اليوم وجهة سياحية شعبية في الكويت، مناخها معتدل، وربيعها مميز بأنواع الزهور التي تنبت فيها، مناخها متغير ومختلف عن البر، لكن رغم ذلك فالبنية التحتية للسياحة فقيرة في الجزيرة، وهم الآن في بداية تطوير السياحة من خلال تطوير الصيد، الرياضات المائية، السباحة وركوب الزوارق، ومن المقرر إعادة فتح بعض المواقع الأثرية، ولا تزال حتى اليوم مكاناً لتدريبات الجيش العسكرية.
أماكن الإقامة في فيلكا عبارة عن بيوت أثرية تعود للحياة الكويتية الجميلة تشرح بطبيعتها كيف كان الناس يعيشون فيها، يمكن زيارة متحف قصر الملك عبد الله السالم (الابن الأكبر للملك سالم المبارك الصباح)، وهو عبارة عن متحف تفاعلي يسمح للزوار برؤية القصر وغرفه كما كانت عام 1950، بالإضافة للعديد من المطاعم مثل مطعم ايكاروس، مطعم ورد وهيل، بيتزا هاوس، شاطئ برغر، مطعم ليالي فيلكا وغيرها.
2- بوبيان.. الجزيرة الأكبر في الكويت والموطن الخصب للطيور
هي أكبر جزيرة في سلسلة الجزر الكويتية في الركن الشمالي الغربي من الخليج العربي، تبلغ مساحتها 863 كم2، وهي جزيرة غير مأهولة.
يفصلها عن البر الرئيسي العراقي في الشمال الشرقي خور عبد الله، وعن البر الكويتي في الجنوب الغربي خور الزبير، وتفصلها عن جزيرة وربة قناة الزبير، تبعد الجزيرة مسافة 5.4 كم عن رأس برشة أقصى نقطة من الجنوب الكويتي، وترتبط بالبر من خلال جسر فوق قناة خور الصبية بطول 2.8 كم والذي تم بناؤه عام 1983 وهو للاستخدام العسكري فقط، وخلال حرب الخليج عام 1991 تم تدميره لكن أُعيد بناؤه، فمنذ ذلك الوقت أصبحت الجزيرة قاعدة عسكرية وبقيت كذلك حتى اليوم.
في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1994 قبلت الدولة العراقية الحدود مع الكويت الني عينتها الأمم المتحدة، والتي وردت في قرارات مجلس الأمن 687 773 833، فانتهت بذلك رسمياً سيطرة العراق على جزيرة بوبيان.
ونظراً للمسطح التي تشغله الجزيرة، بالإضافة لظاهرة المد والجزر والسبخات والسهول الملحية التي تغذيها الرواسب من نهري دجلة والفرات؛ فهي أراض رطبة، لذلك تعتبر بيئة مهمة لتربية الطيور، فجزيرة بوبيان واحدة من أكبر المستعمرات لتربية طيور الحنكور، النوارس، نقار الخشب، مالك الحزين، النعام، البجع، وغيرها من الطيور المائية، لذلك سيبقى الجزء الجنوبي الغربي من الجزيرة محمية طبيعية، في حين الجزء الشمالي منطقة عسكرية.
وعلى الرغم من الإمكانيات في تلك المنطقة، إلا أن السجلات والمعلومات عنها قليلة على صعيد حياة الطيور، وعلى صعيد حياة الأسماك والثعابين والسلاحف البحرية وغيرها، كما أن هناك عدد قليل من الأودية وسط الجزيرة.
3- جزيرة كبّر (Kubbar Island)
جزيرة رملية تغطيها الشجيرات، تقع على بعد 30 كم عن الساحل الجنوبي للكويت، و 29 كم قبالة ساحل جزيرة فيلكا، الجزيرة شبه دائرية، يبلغ قطرها 370-380 م أي ما يعادل مساحة 11 هكتاراً، وفي حرب الخليج عام 1991 قُتل ستة جنود عراقيين ودفنوا في هذ الجزيرة، ويوجد علامات على قبورهم على الطريقة الإسلامية حتى الآن.
سواحلها رملية منخفضة تغطيها النباتات وتسكنها أشكال مختلفة من الحياة البرية، يحيط بالجزيرة الشعب المرجانية، لذلك تعتبر وجهة شعبية للغوص، كما يتم تضمين الشعب المرجانية في العمل التطوعي لفريق الكويت للغوص الحاصل على جائزة أفضل فريق في العالم بتصويت من الأمم المتحدة.
تقع الجزيرة في موقع خلاب، وهي خالية من التلوث، مياهها زرقاء صافية، ولا تزال البنية التحتية في حالة تطوير لجعل السياحة المحلية تزدهر بتوفير الزوارق، المراكب الشراعية، تطوير السباحة والرياضات المائية.
يعتبر الغوص الرياضة الأكثر شعبية في الجزيرة، يمكن الغوص بمساعدة الغواصين لعمق 4-14 متر، فمعظم الشعب المرجانية على عمق 9 أمتار، أو يمكن استئجار يخت لمدة 40 دقيقة، وفي أشهر الصيف والخريف يستمتع الغواصون بمشاهدة الشعب المرجانية الصلبة والناعمة، بالإضافة إلى أشكال أخرى مثل نجوم البحر الملونة، السرطانات ومخلوقات صغيرة في قاع المياه الضحلة.
يمكن الوصول للجزيرة عبر ميناء الددحل أو الفحاحيل من خلال رحلات منتظمة مخصصة للجزيرة، ومن بلدة القليعة التي تبعد عن الجزيرة 31 كم يمكن استئجار يخوت خاصة للوصل إلى الجزيرة.
لا يوجد في الجزيرة أي مسجد، كما أنها خالية من خفر الشواطئ، يمكن للزوار زيارة فندق ومنتجع الجهراء، وهو منتجع شعبي مناسب لقضاء أوقات الفراغ للسياح ورجال الأعمال.
4- جزيرة وربة.. تنوع بيولوجي لكنها بيئة غير صالحة للصيد
تقع في الخليج العربي بالقرب من مصب نهر الفرات، وهي على شكل مثلث يبعد 100 متر عن البر الرئيسي الكويتي، و 1.5 كم شمال جزيرة بوبيان، و 1 كم عن البر الرئيسي العراقي، كما أنها عبارة عن جزيرة طينية تبلغ مساحتها 37 كم2، سميت وربة أي مائلة؛ كونها تميل نحو جزيرة بوبيان.
لا يوجد سكان دائمين في الجزيرة على الرغم من تواجد خفر السواحل، والذي يتم تمويله جزئياً من الأمم المتحدة، وفي أوائل كانون الثاني/يناير عام 2002 أطلقت سفينة عراقية النار على زورق لخفر السواحل الكويتي مما أدى إلى اصطدامهما وإصابة اثنان من جنود خفر السواحل وجندي أمريكي، لكن لم يُذكر سبب تواجد الجندي الأمريكي جزيرتا وربة وببيان مشهورتان بالطيور، ففيهما العديد من الطيور الجارحة مثل النوارس وغيرها، ومنها ما يمر عليهما أثناء الهجرة، ومنها ما يتكاثر فيهما خلال الصيف، وتشهد جزيرة وربة تنوعاً بيولوجياً بتواجد اللافقاريات فيها، الأسماك النطاطة والدلافين، ونظراً لبيئتها الطينية فهي غير مناسبة للصيد الدائم، كما أنها خالية من الشعب المرجانية.
5- قاروه.. أول جزيرة تتحرر من الغزو العراقي
أخذت هذه الجزيرة إسمها من كلمة قار أي الكميات الكبيرة من الرواسب النفطية والتي توجد فيها، هي أصغر الجزر وأبعدها عن البر الرئيسي الكويتي حيث تبعد عنه 37.5 كم و17 كم عن إم المرادم، تبلغ مساحتها 35 ألف م2، وكانت أول جزيرة تتحرر من الغزو العراقي عام 1991.
يمكن زيارة الجزيرة لممارسة رياضة الغوص في المياه العميقة حتى 32 متراً لمسافة 2 كم بعيداً عن سواحل الجزيرة، وأثناء ذلك سيصادف الغواصون الكثير من الحيوانات البحرية والأسماك، كذلك أسد البحر، والسلاحف، الشعب المرجانية، قناديل البحر وغيرها، المياه مالحة في الجزيرة، تبلغ درجات حرارتها في فصل الشتاء 24 درجة مئوية.
6- تُعرف جزيرة مسكان بمنارتها التي ترشد السفن ليلاً
جزيرة غير مأهولة في الخليج العربي، تقع جنوب جزيرة بوبيان، يبلغ طولها 1.2 كم وعرضها 800 متر أي بمساحة تبلغ 0.75 كم2، تبعد عن جزيرة فيلكا حوالي 3.2 كم وعن أقرب جزء من البر الرئيسي للكويت حوالي 24 كم.
أعلى نقطة في الجزيرة تقع في الجهة الشرقية، بينما التضاريس جعلت الكثبان الرملية في الشاطئ الغربي منخفضة لتبدو أكثر وضوحاً، بينما تنخفض في الوسط بشكل أقل من الشاطئ الشرقي.
أقدم وثيقة رسمية حول الجزيرة تعود لعام 1918 عندما أنشأ البريطانيون المنارة القديمة هناك، حيث كانت إشارة إلى السفن المارة بين جزيرة فيلكا والبر الرئيسي لخليج الكويت، لا تزال المنارة في الجزء الشمالي الغربي من الجزيرة، ودفن فيها أفراد عائلة إبراهيم أبو راشد حيث عاشوا هناك لإرشاد السفن التي تبحر ليلاً في الخليج العربي (بين عامي 1896-1915م)، وتعتبر هذه الجزيرة حلقة هامة في سلسلة الجزر الكويتية، كما أنها توفر للكويت وجهة دفاعية هامة.
تُماثل جزيرة مسكان جزيرة فيلكا جيولوجياً في طبيعة الرمال الخشنة ووجود الشعب المرجانية في العمق، كما يوجد فيها بعض الدلافين أيضاً.
7- جزيرة أم المرادم، أرض الغواصين وكنوز اللؤلؤ
جزيرة إم المرادم أي أم الصخور تقع في أقصى الجنوب من الحدود البحرية الكويتية وبالقرب من التقاطع مع المملكة العربية السعودية، وهي الجزيرة الأقرب إلى جزيرة قاروه، تحيط بها المياه العميقة، مما يمكن للسفن أن ترسو بسلام على شواطئها وهي ميزة غير متوفرة في جميع الجزر الكويتية.
يبلغ طولها 1.5 كم وعرضها 540 متراً فتشكل مساحة 650 ألف كم2، وهي جزيرة بيضاوية مع رأس رملي، وتتشكل اللآلئ في المحار الذي يعيش في قيعانها، وفي الماضي كانت السفن تبحر من الصباح حتى المساء لازدحام الجزيرة بطواقم الغواصين والسفن ا��تجارية التي كانت تبحث عن اللؤلؤ.
الجزيرة مليئة بالطيور المهاجرة والمقيمة التي تستقطبها الجزيرة في الربيع كالنوارس والبشروش، وتعتبر هذه الجزيرة أفضل المناطق الكويتية لتعشيش السلاحف كالسلاحف الخضراء وغيرها من الأنواع، خلال موسم الأمطار تغطيها المساحات الخضراء، ولا يوجد فيها سكان بل بعض المباني ومركزاً للشرطة.
تحررت الجزيرة كباقي الجزر عام 1991 من الاحتلال العراقي ورُفع فيها العلم الكويتي.
8- منطقة صناعية وتعرف الشويخ بجزيرة عكاز
جزيرة تقع في الجزء الجنوبي من الخليج العربي، وتعرف أيضاً باسم جزيرة عكاز، وهي الآن جزءاً من منطقة الشويخ الصناعية التي ترتبط بالجزيرة من خلال جسر بري، فلا تعتبر الآن جزيرة، وهي عبارة عن موقع أثري يعود لعام 2000 قبل الميلاد. يشكل شاطئ الجزيرة شرق المنطقة الصناعية مكاناً لتربية أسراب الطيور المهاجرة من البشروش والنوارس.
9- جزيرة عوهة Auhah Island
جزيرة صغيرة تابعة للكويت، يبلغ طولها 800 متراً وعرضها 540 متراً، ما يعادل مساحة 34 ألف م2 تبعد مسافة 16 كم من الجنوب الشرقي لجزيرة فيلكا، ومسافة 41 كم عن البر الرئيسي لمدينة السالمية، وعن جزيرة كبر 19 كم، تعتبر الجزيرة مهبطاً للطائرات، كما أنها غير مأهولة بالسكان.
تعتبر جزيرة صخرية، ومياهها ضحلة، لذلك لا تصلح لتكون ميناءً للسفن، إلا أنها مكاناً يقصده الصيادون باستخدام السفن الصغيرة، ومكاناً للتنزه في البحر وممارسة الرياضات المائية.
للجزيرة أهمية باعتبارها موقعاً ملائماً لرصد حركة السفن، وتشكل موقعاً استراتيجياً بين سلسلة الجزر المنتشرة قبالة الساحل الكويتي، كما أنها تشتهر بسمك الشيم المميز لدى الكويتيين، فهي تعد من أسماك الدرجة الأولى، وكما يقول المثل الكويتي: "الشيم أكل الحشيم".
10- جزيرة النمل.. أرض حضارية تعود للعصر الإسلامي والبرونزي
جزية تابعة للكويت، تُعد مسرحاً للعديد من الحضارات والاكتشافات الأثرية ومعظمها من العصر الإسلامي والعصر البرونزي، تبعد 600 متر عن البر الكويتي الرئيسي، ويبلغ محيطها 5000 متر.
سميت بهذا الاسم نسبة للعدد الكبير من النمل الذي يتواجد فيها خلال الصيف، وتدعى أيضاً جزيرة الغربة نسبة إلى عائلة تدعى الغربية سكنتها سابقاً لمدة 250 سنة.
تكثر فيها الترسبات الرملية والصخور، وتنمو فيها بعض الأشجار والنباتات، فهي تشتهر بجمال شواطئها وكثرة نباتاتها الصحراوية، كذلك فإن جزيرة النمل غنية بالأسماك والمخلوقات البحرية مثل السرطانات والسلاحف.
في النهاية.. هناك الكثير من المعالم السياحية التي تشتهر فيها دولة الكويت، إلا أن المعالم الطبيعية البحرية كالجزر تعتبر ذات قيمة أكبر عند السياح والزائرين، وتستقطب أعداداً أكبر من الزوار عند الاهتمام بها ومنحها الأهمية السياحية.