آثارقوم عاد: لغزٌ محير في الربع الخالي
This browser does not support the video element.
كشفت آثار قوم عاد عن قوة الله تعالى على قوم عاد الذين عتوا في الأرض فساداً واستكبروا عن عبادة الله تعالى، وما يزال العلماء يحاولون كشف أكثر عن آثار قوم عاد ومعرفة أكثر عن نمط حياتهم. سنتعرف في هذه المقالة إلى موقع آثار قوم عاد، وقصة هلاكهم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قوم عاد:
قوم عاد هم نفسهم قوم النبي هود -عليه السلام- سكنوا في جنوب السعودية في منطقة تسمى الربع الخالي. لقد أرسل الله تعالى النبي هود -عليه السلام- إلى القبائل المتفرعة من نسل سيدنا نوح -عليه السلام- منها قوم عاد التي سميت بهذا الاسم نسبةً إلى أحد أجدادها. عُرف قوم عاد بقوتهم البدنية فقد كانوا ينحتون بيوتهم من الجبال ولم يُعط أحدٌ مثل ما أُعطيَ قوم عاد من القوة والجاه والنسب، وقد أطغتهم قوتهم فاستكبروا، كما كانوا مترفين فقد رزقهم الله تعالى الكثير من الأنعام والحدائق والأنهار، وقد استطاعوا أن يبنوا مصانع لجمع المياه مما جعلوا من حضارتهم جنة على الأرض إلا أنهم أنكروا نعمة الله تعالى عليهم وعبدوا الأوثان من دون الله.
لقد ذكرهم الله تعالى في مجمل آياته إذ قال: " (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)، وفي سورة الشعراء (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)
شاهد أيضاً: السياحة في سلطنة عمان
دعا النبي هود -عليه السلام- قوم عاد إلى هداية الله تعالى وترك عبادة الأوثان إلا أنهم أنكروا عليه واستكبروا عن دعوته، ولم يؤمنوا به بحجة أن آلهتهم أصابته بسوء جزاء فعلته وقد أصابه مس من الجنون، وقد أورد الله تعالى ما جاء بين قوم عاد ونبيهم (قالوا يا هودُ ما جِئتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحنُ بِتارِكي آلِهَتِنا عَن قَولِكَ وَما نَحنُ لَكَ بِمُؤمِنينَ* إِن نَقولُ إِلَّا اعتَراكَ بَعضُ آلِهَتِنا بِسوءٍ). ظلوا معاندين مستكبرين عن الحق مع أنهم أُنذِروا بعذاب الله تعالى لهم إن ظلوا على حالهم، ولم يؤمن من قوم عاد إلا قليل منهم.
يشتهر قود عاد بقصورهم التي لا مثيل لها على الأرض، وكانوا يعيشون في منطقة الأحقاف، وهي منطقة رملية على الطريق بين اليمن وسلطنة عمان بنوا مدينة كبيرة أطلقوا عليها اسم إرام ذات الأعمدة الشاهقة الكثيرة.
عذاب قوم عاد:
أنزل الله تعالى على قوم عاد ريح عقيم لا تبقي شيئاً ولا تذر عقاباً لهم على كفرهم وعنادهم؛ فقد قال الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ* فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ). لقد منع الله تعالى عن قوم عاد، قبل أن يصيبهم ريح عقيم، المطر لمدة 3 سنوات حتى اشتد عليهم الأمر حيث وصفه الله تعالى بأنه يوم نحس مستمر من شدة صعوبة الوضع فهلك الذين كفروا من قوم عاد ونجى النبي هود -عليه السلام- والذين آمنوا معه إذ لجاوا إلى كهف في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، والذي يقع إما في شرق اليمن أو غرب عمان. [1]
ومن صفات الريح التي أَهلك بها قوم عاد أنّها باردةٌ جداً، وذات سرعة كبيرة، فهي قادرة على نزع البشر والشجر والحيوان وحملهم، وقد استمرت الريح لمدة 180 ساعةً، ويُعتقد بأنّها كانت عاصفة رملية ضخمة دمرت كل ما كان أمامها، وأغرقت المدينة وعيونها وبساتينها بالرمال.
آثار قوم عاد في الربع الخالي:
اكتشفت بعثات الاستكشاف والآثار عن مجموعة من آثار قوم عاد في الربع الخالي، ومن هذه الآثار:
- مقبرة لقوم عاد اكتشفت مؤخراً في صحراء الربع الخالي خلال عمليات وأنشطة استكشاف الغاز الطبيعي، إذ كشفت الحفريات على بقايا هياكل لبشر ذات حجم هائل تعود للأشخاص من قوم عاد.
- مدينة إرم فيها قلعة ثمانية الأضلاع تتميز بجدرانها سميكة، وأبراجها في زواياها وأعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار وقطرها يبلغ 3 أمتار، كما كانت الأنهار وعيون الماء والبساتين تنتشر في أرجاء المدينة كأنها جنة في قلب الصحراء، وقد اكتشفت هذه المدينة في عام 1991 من خلال البعثات الأثرية الخاصة. تقع مدينة إرم في منطقة الأحقاف في الجزء الجنوبي من الربع الخالي قريبة من سلطنة عُمان، وقد ذكر الله تعالى هذه المدينة في القرآن إذ قال " {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ}
- وجد علماء الآثار شظايا فخارية من الزمن القديم والبخور والقطع النقدية وعظام للحيوانات حيث أكتشف فيها بقايا عظام لأفراس النهر التي لا تعيش إلا على ضفاف الأنهار كما عثر فيها على بقايا حيوانات أليفة وأواني فخارية ملونة.
- قلعة إرم التي تقع على عمق 10 أمتار خاملة تحت طبقات عدّة من رمال الصحراء، تتميز بأعمدتها الضخمة.
يرشدنا الله تعالى في القرآن الكريم إلى تأمل آثار قوم عاد بقوله تعالى " {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} حتى نتعظ بأن لا قوة يمكنها أن تقف أمام الله تعالى، فقد كان قوم عاد معروفاً عنهم بقوتهم وجبروتهم إلا أن الله تعالى أهلكهم لتبقى آثار قوم عاد تشهد على مدى اتساع حضارتهم وجزاء كفرهم وعنادهم، {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة}