القصة السرية وراء قاعدة بايكانور الفضائية في كازاخستان
This browser does not support the video element.
منذ عدة سنوات، تعتمد وكالات الفضاء العالمية على قاعدة بايكونور في كازاخستان لإطلاق الصواريخ التي تحمل رواد الفضاء والإمدادات لمحطة الفضاء الدولية، العشرات من رواد الفضاء الأمريكيين والأوربيين والروس والصينيين واليابانيين انطلقوا من هذه القاعدة نحو الفضاء.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
بالإضافة إلى ذلك، تشكل القاعدة مركزًا لإطلاق الصواريخ التي تحمل الأقمار الصناعية التي تطورها الشركات الخاصة أو الحكومات.
لكن دولة كازاخستان لا تملك برنامجًا فضائيًا أو وكالة فضاء. فلماذا توجد على أراضيها منشأة فضائية كبيرة هي قاعدة بايكونور؟ ولماذا ينطلق رواد الفضاء الأمريكيين والأوروبيين من ذلك الموقع بدلًا من الاعتماد على القواعد والصواريخ التي توجد في بلدانهم؟
لقد تبين أن هناك قصة مثيرة للاهتمام حول هذه القاعدة.
ميناء بايكونور الفضائي
تم إنشاء قاعدة بايكونور كمركز فضاء سري ليكون غير معروف من قبل الدول الغربية. وذلك في خمسينيات القرن الماضي، أي في ذروة الحرب الباردة، في ذلك الوقت، كانت روسيا وكازاخستان جزءًا من الاتحاد السوفيتي، وكان عصر الفضاء في بدايته. قام السوفييت ببناء هذه المنشأة الفضائية بسرية وأطلقوا عليها اسم بايكونور.
تم اختيار الاسم نسبة إلى مدينة بايكونور الكازاخية التي تقع بالقرب من القاعدة، معنى بايكونور هو "الأرض الخصبة الغنية"، أراد السوفييت أن يعتقد الغرب بأن هذه القاعدة عبارة عن منشأة تعدين صغيرة. ففي ذلك الوقت، كان برنامج الفضاء السوفييتي سريًا، وكان السوفييت يرغبون في إخفاء موقعه الحقيقي لأسباب أمنية.
أول شخص في العام وصل إلى الفضاء هو رائد الفضاء السوفييتي يوري غاغارين، والذي أنطلق من قاعدة بايكونور في 12 أبريل 1961. وطوال عقود، أطلق السوفييت جميع بعثاتهم الفضائية ومحطة الفضاء مير والأقمار الاصطناعية من هذه القاعدة.
حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي
لكن مع سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991، تغير كل شيء. فقد أصبحت كازاخستان دولة مستقلة. ولم يكن من الواضح ما إذا كان بإمكان الروس إطلاق البعثات الفضائية ورواد الفضاء من هذه القاعدة.
كان لدى الروس قاعدة إطلاق أخرى موجودة في شمال روسيا، لكن لا يمكن استخدامها دائمًا بسبب المناج والموقع. في ذلك الوقت، علق رائد الفضاء الروسي سيرجي كريكاليف في محطة الفضاء مير، حيث بقي هناك لعدة أشهر إضافية بينما كانت روسيا وكازاخستان تتفاوضان حول مستقبل قاعدة بايكونور.
في النهاية، اتفقت الدولتان على توقيع عقد إيجار. اليوم، يستأجر الروس قاعدة بايكونور في كازاخستان مقابل 7 مليارات روبل روسي (115 مليون دولار) سنويًا. وتعتبر بايكونور منطقة خاصة من الأراضي الروسية داخل كازاخستان، مما يعني أنه يُسمح للمواطنين الروس والأجانب الذين يحملون تأشيرة دخول إلى روسيا بزيارتها.
بحلول عام 1991، أصبح موقع بايكونور معروفًا للعالم. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأمريكيين يخشون ما يمكن أن يحدث لتلك المنطقة من العالم إذا انهار الاقتصاد الروسي. لذلك، ومن أجل دعم روسيا في الاستفادة من محطتها الفضائية، وافقت وكالة ناسا الأمريكية للفضاء على برنامج مير، الذي منح روسيا حق استضافة رواد فضاء أمريكيين في محطة مير الفضائية.
أول أميركي انطلق إلى الفضاء على متن مركبة فضائية روسية هو نورمان ثاغارد، وذلك على صاروخ سويوز في عام 1995. صُنع صاروخ سويوز في روسيا ولكنه ينطلق من كازاخستان بعد تم نقله إلى هناك عن طريق السكك الحديدية.
ساعدت هذه الشراكة بين روسيا والولايات المتحدة على تدريب رواد فضاء معًا وإطلاق بعثات فضائية، وساهم ذلك فيما بعد بإطلاق محطة الفضاء الدولية.
زاد عدد رواد الفضاء الأمريكيين الذين انطلقوا إلى الفضاء على متن صواريخ سويوز بشكل كبير بداية من عام 2011، وذلك بعد توقف مكوك الفضاء التابع لوكالة ناسا، فأصبحت وكالة ناسا تعتمد على الصواريخ الروسية لنقل أطقمها إلى محطة الفضاء الدولية حتى أصبحت مركبات الطاقم التجارية التي طورتها شركة سبيس أكس جاهزة في عام 2020. معظم الدول التي تملك برنامج فضاء اعتمدت على قاعدة بايكونور باستثناء الصين، التي تملك قاعدة إطلاق خاصة بها.
لكن هذا تغير في عام 2020. فالبرنامج التجاري لشركة سبيس أكس أطلق أول رحلاته التجريبية الناجحة في 2018 و 2019، ثم نجح في نقل رواد الفضاء الأمريكيين لمحطة الفضاء الدولية من الأراضي الأمريكية. وهكذا بدأت أهمية قاعدة بايكونور تتلاشى وهذا ما يجعلها قاعدة خاسرة تجاريًا لروسيا، وسوف ينتهي عقد إيجارها بروسيا في عام 2050.
لكن روسيا تبني قاعدة فضائية أخرى تسمى Vostochny، ما تزال قيد الإنشاء وتهدف في النهاية إلى إطلاق بعثات الفضاء المأهولة منها، لكن الموعد افتتاحها ما يزال غير معروف.