مظاهر الاحتفال برمضان في المغرب
- تاريخ النشر: الخميس، 30 يناير 2025

يتميز شهر رمضان في المغرب بأجواء روحانية واجتماعية خاصة، حيث يجمع بين العادات الدينية والتقاليد الشعبية التي تعكس أصالة الثقافة المغربية. ويبدأ الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم قبل حلوله بأسابيع، إذ تتحول الأسواق إلى مراكز نابضة بالحياة، ويحرص المغاربة على تجهيز منازلهم بالأطعمة التقليدية والمستلزمات الخاصة بالشهر المبارك. ومع دخول رمضان، تتغير إيقاعات الحياة اليومية، حيث تمتزج العبادة بالاحتفالات العائلية، وتبرز طقوس خاصة تجعل هذا الشهر مميزًا في المملكة المغربية.
الأجواء الرمضانية في المغرب
مع غروب الشمس، تمتلئ المساجد بالمصلين الذين يؤدون صلاة المغرب ثم التراويح، حيث تحظى المساجد التاريخية مثل مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء وجامع القرويين في فاس بإقبال واسع من المصلين. ويحرص المغاربة على حضور الدروس الدينية وحلقات الذكر التي تُعقد في المساجد والمجالس العائلية، مما يعزز الروحانيات خلال هذا الشهر الكريم. كما يبرز دور المسحراتي، المعروف في المغرب بـ"النفار"، الذي يجوب الأحياء في الساعات الأخيرة من الليل ليوقظ الناس على وقع نغمات مزمار تقليدي.
مائدة الإفطار المغربية
تُعد مائدة الإفطار في المغرب من أغنى الموائد الرمضانية، حيث تبدأ عادةً بالتمر والحليب أو الشاي بالنعناع، يليها حساء الحريرة، الذي يُعتبر الطبق الرئيسي خلال الشهر الفضيل، ويُحضر من الطماطم والعدس والتوابل المتنوعة. وترافق الحريرة أطباق جانبية مثل الشباكية، وهي حلوى مغربية مغموسة في العسل، والبريوات المحشوة باللوز. كما تحضر الأسر المغربية أطباقًا تقليدية مثل الطاجين والكسكس في أيام الجمعة، لتضفي لمسة احتفالية خاصة على الشهر.
يحرص المغاربة على قضاء الأمسيات الرمضانية في أجواء عائلية، أو في المقاهي الشعبية التي تتحول إلى ملتقيات للسهرات الممتدة حتى وقت السحور. وتكثر الزيارات العائلية، حيث يتبادل الأقارب الدعوات للإفطار، في حين تسود مبادرات الخير والتضامن، إذ تُنظم موائد الرحمن في الشوارع والجوامع لمساعدة المحتاجين. كما يُعتبر رمضان فرصة مهمة لعقد حفلات الخطوبة وعقد القران، حيث يُنظر إليه كزمن مبارك لإقامة المناسبات السعيدة.
يظل رمضان في المغرب أكثر من مجرد شهر للصيام، فهو فترة تمتزج فيها العادات الدينية مع التقاليد الاجتماعية، مما يجعله تجربة روحية وإنسانية فريدة يعيشها المغاربة بكل تفاصيلها، في أجواء تجمع بين الأصالة والكرم والتآخي.