ما هو أقصى ارتفاع مسموح به للطائرة؟

  • تاريخ النشر: منذ يوم
ما هو أقصى ارتفاع مسموح به للطائرة؟

يعد ارتفاع الطائرات أثناء الطيران من أهم الجوانب التي يتم تنظيمها بدقة في مجال الطيران المدني، إذ يحدد القانون وقواعد الطيران الدولية حدودًا صارمة على الارتفاعات المسموح بها للطائرات بناءً على نوع الطائرة وطبيعة رحلتها. يتفاوت هذا الارتفاع بين الطائرات التجارية والطائرات الخاصة والطائرات العسكرية، ويتم ضبطه وفق اعتبارات السلامة الجوية، وقواعد تنظيم حركة الطيران، والظروف الجوية. يعكس الارتفاع الذي تحلق فيه الطائرات مستوى التكنولوجيا المستخدمة فيها، بالإضافة إلى المتطلبات الخاصة بالأمان والاستجابة لحالات الطوارئ.

الارتفاعات القياسية للطائرات التجارية ومعايير السلامة

بالنسبة للطائرات التجارية، يتراوح أقصى ارتفاع مسموح به بين 30,000 و 40,000 قدم، وتُعرف هذه الطبقة من الارتفاع بـ"طبقة الطيران العالية" أو "Upper Flight Level." تتسم هذه الارتفاعات بالهدوء النسبي للرياح وقلة المطبات الهوائية، مما يوفر رحلة سلسة للركاب ويخفض من استهلاك الوقود. تُستخدم هذه الارتفاعات للطيران الطويل المدى، إذ أن طائرات الركاب الكبيرة، مثل طائرات بوينغ وإيرباص، تستطيع التحليق بأمان عند هذه الارتفاعات بسبب قوة محركاتها وإمكانياتها التقنية، بالإضافة إلى قدرتها على مقاومة انخفاض ضغط الهواء وتوفير الراحة للمسافرين.

تحافظ شركات الطيران على ارتفاعات الطائرات ضمن هذه المستويات لأسباب تتعلق بالسلامة، حيث تكون السيطرة على الطائرة أسهل، وتستطيع الطائرة التعامل مع التغيرات المناخية وتجنب حالات الاضطراب الهوائي. ويقوم الطيارون بالتنسيق مع مراكز التحكم الجوي للحفاظ على هذه الارتفاعات وتجنب الازدحام الجوي.

في حين أن الطائرات التجارية تحافظ على ارتفاعات معينة لأغراض السلامة والكفاءة، فإن الطائرات العسكرية تستطيع الطيران على ارتفاعات أعلى بكثير. تستطيع بعض الطائرات العسكرية التحليق فوق 60,000 قدم، مثل طائرة الاستطلاع الأمريكية "U-2" التي يمكنها الطيران على ارتفاع يصل إلى 70,000 قدم، حيث يكون الضغط الجوي منخفضًا للغاية وتصبح الكثافة الهوائية غير كافية للطيران الاعتيادي. تتطلب هذه الطائرات تقنيات خاصة لدعم الاستقرار والطيران على هذه الارتفاعات العالية، مثل البدلات المضغوطة للطيارين وأنظمة التحكم في الضغط داخل قمرة القيادة.

تعد الطائرات الخاصة، مثل طائرات رجال الأعمال، قادرة أيضًا على الطيران على ارتفاعات تصل إلى 50,000 قدم. يعتبر التحليق على هذه الارتفاعات خيارًا مفضلًا أحيانًا للابتعاد عن الازدحام الجوي في الطبقات المنخفضة والاستمتاع بمسارات أكثر هدوءًا وأقل اضطرابًا. تختلف طائرات الأعمال الحديثة في قدراتها، حيث صُممت بعض الطرازات مثل "Gulfstream G650" و"Bombardier Global 7500" لتوفير رحلات مريحة على ارتفاعات تتجاوز 45,000 قدم.

الحدود الفيزيائية للأجواء وتأثيرها على أقصى ارتفاع للطيران

مع الارتفاع في طبقات الغلاف الجوي، يقل الضغط الجوي وتنخفض كثافة الهواء، مما يشكل تحديًا للطائرات التي تعتمد على تدفق الهواء عبر أجنحتها لتوليد الرفع. تسمى الحدود العليا التي يمكن للطائرة التحليق فيها بـ"الارتفاع العملي الأقصى" (Service Ceiling)، ويحدد هذا الارتفاع على أساس الظروف التي تسمح للطائرة بالحفاظ على سرعتها واستقرارها. يعتبر الارتفاع العملي الأقصى للطائرات التجارية عادةً حول 43,000 قدم، وذلك لضمان كفاءة المحركات وقدرة الطيارين على التعامل مع الطائرة في حال حدوث أي مشاكل تقنية.

تبدأ طبقة الغلاف الجوي المعروفة بـ"الستراتوسفير" عند حوالي 50,000 قدم، وهي طبقة قليلة الحركة الهوائية ولا تحتوي على غيوم، ما يجعلها أكثر أمانًا من حيث الاستقرار الجوي، لكنها أقل في كثافة الهواء، مما يقلل من فعالية المحركات ويصعّب على الطائرات الطيران فيها. تتوقف معظم الطائرات عن الارتفاع عند حدود 40,000 إلى 45,000 قدم لتجنب مواجهة هذه المشكلات الفيزيائية، بينما تبقى بعض الطائرات العسكرية وطائرات البحث العلمي قادرة على تجاوز هذه الحدود إلى طبقات أعلى.

يلتزم الطيران التجاري بالارتفاعات القياسية حفاظًا على السلامة والكفاءة، بينما تستفيد الطائرات العسكرية والخاصة من تكنولوجيا الطيران العالية للتحليق على ارتفاعات أعلى بكثير في ظروف خاصة. يتحدد أقصى ارتفاع للطائرات بحدود فيزيائية وتقنية، ما يعكس تقدمًا هائلًا في علوم الطيران وقدرات التصنيع والتصميم.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم